للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بفهمه وإدراك تكوينه وطريقة تشغيله، والإنسان البنائي يتناول الواقع ويفكه ويحلله, ثم يقوم بتركيبه مرة أخرى، مما قد يبدو للوهلة الأولى عملًا تافهًا لا أهمية له، ولكنه في حقيقة الأمر شيء حاسم؛ إذ إنه من خلال هاتين اللحظتين في النشاط البنائي ينتج لنا شيء جديد هو قابلية الفهم"١.

أما البنيوية التوليدية أو البنائية التوليدية٢ فمؤسسه "لوسيان غولدمان" "١٩١٣-١٩٧٠م:" وقد طوَّر الأصول التي ثقفها من "جورج لوكاش", وعمَّق دراسة أبعاد العلاقة بين الأدب والمجتمع, ومفهوم "رؤية العالم" باعتبارها بنية تتوسَّط ما بين الأساس الاجتماعي الطبقي الذي تصدر عنه، وبين الأنساق الأدبية والفنية والفكرية، فهي "كمية متجانسة" تكمن وراء الخلق الثقافي وتحكمه مثلما تتجلَّى فيه وتنكشف بواسطته. وإن الحديث عن العلاقة بين "رؤية العالم" و"عوالم الأعمال الأدبية" يعني حديثًا عن علميات بنائية تتولّد فيها أبنية أدبية هي "الأعمال الأدبية", عن أبنية فكرية هي "رؤية العالم, أو رؤى العالم" عند مجموعة اجتماعية أو طبقية.

وتتجلّى منهجية البنيوية التوليدية في عملياتها الإجرائية التي تتراوح بين تفسير العمل "فهم العلاقات بين العناصر المكونة لبنيته", وشرح العمل "فهم بنيته باعتبارها وظيفة لبنية أشمل" تقع خارج العمل وتتجلى في الوقت نفسه فيه".

والبنائية في حركتها المتطورة حريصة على ربط العمل الأدبي بحركة التطور في الحياة, وأما الذات التي تبحث عنها البنائية فهي ليست الذات التي يبحث عنها علم التحليل النفسي، وإنما هي ذات اجتماعية, وهي ذات قديمة وحديثة، ولا يمكن أن تعيش إلّا مع الجماعة أو من خلال الجماعة، والبنائية لا تبحث عن المحتوى أو الشكل، أو عن المحتوى في إطار الشكل، بل تبحث عن الحقيقة التي تختفي وراء الظاهر من خلال العمل نفسه, وليس من خلال أي شيء خارج عنه. وهي تُعْنَى بتوجيه العناصر نحو كلية العمل أو نظامه، وليس نظام العمل أو الشيء سوى حقيقته٣.

وفي معرض موقف النقاد والباحثين من البنيوية نسوق آراء ثلاثة، فالدكتور


١ نفسه ٢٠٥.
٢ جابر عصفور: مجلة فصول، مجلد١, عدد ٢ "١٩٨١", ص٨٤ وما بعدها.
٣ نبيلة إبراهيم: مجلة فصول, مجلد١, عدد٢ "١٩٨١", ص١٦٩ وما بعدها.

<<  <   >  >>