للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحدد هدفًا مزدوجًا للدراسة, فهو من جهة يحاول أن يطبِّق على قصيدة الشبق منهجه البنيوي، بل تطويعه للتوصل إلى فهم القصيدة على نحوٍ أفضل، ومن جهة ثانية يقدم البحث بعض الصياغات النظرية لطبيعة جوانب معينة للشعر الجاهلي عمومًا، والمعلقات على وجه الخصوص.

وفي معرض المقارنة بين القصيدتين يرى أنهما تجسدان اختلافًا في الرؤية؛ رؤية الواقع والإنسان والكون، حيث تقدمان لنا إجابات مختلفة عن الأسئلة الرئيسية التي واجهت الإنسان في العصر الجاهلي.

والقصيدة "الشبقية" تعد مثالًا آخر على البنية المتعددة الأبعاد، كما يسميها Multi dimensional structure، وبنيتها إنما تتولّد عن التفاعل بين حركتين رئيسيتين يمكن أن يطلق عليها الكليتان الأساسيتان، وتتكون كلّ منهما من عدد من الوحدات التكوينية التي يتكوّن كل منها بدوره من عدد من الوحدات الأولية, أما الوحدة الكلية الأساسية الأولى "الحركة الأولى" فتنتظمها الأبيات "١-٤٣" في القصيدة, والوحدة الكلية الثانية "الحركة الثانية" تشتمل عليها الأبيات من "٤٤-٨٢".

وتجنبًا للإطالة سنسوق بعض الملاحظ والاستنتاجات التي تضمنتها الدراسة:

١- إن الخاصية الرئيسية لبناء القصيدة، وهي أنها بنية تتولّد من جدل الثنائيات: الموت/ الحياة، الجفاف/ الطراوة، الصمت/ الضجة ... إلخ، ظلت دون ملاحظة عند الدراسين ولم يتطرقوا إلى مغزاها؛ فالقصيدة تقع وتتحرك داخل ثنائية ضدية لها أهمية جوهرية بالنسبة لمعناها، وبخاصة ثنائية سكون الأطلال واندثارها، في مقابل الحيوية الغامرة والجارفة في عاصفة المطر والسيل.

٢- يعقد مقارنة بين خصائص وحدات الأطلال في كلتا المعلقتين, وهو يأمل أن تلقي هذه المقارنة الضوء على العلاقة بين "الرؤى الجماعية والفردية" و"بين التراث والموهبة الفردية", ويوصف ذلك كله تطبيقًا ضروريًّا على مشكلات الشفهية والتأليف بالصيغ في الشعر الجاهلي.

٣- إن بدء القصيدة بفعل أمر في صيغ المثنى "قفا" إنما يحدد النغمة العاطفية في القصيدة، ويكشف عن درجة من حدة الشعور والتأكيد "للأنا" على نحو لا نجده في قصيدة "المفتاح".

<<  <   >  >>