للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحينما يحاول الباحث تعليل هذه الظاهر وإرجاعها دواعٍ، وبواعث فإنه يراها فيما يلي١:

١- الشعور بشيء من الوحدة الفكرية أو الروحية, وبقدر من الانتساب إلى رهط أو شعب واحد, أي: الشعور بوجود رابط يسمو على الروابط القبلية أو يتعايش معها.

٢- شيوع اللغة الواحدة واستقرارها كأداة للتواصل.

٣- التخمر الاجتماعي والسياسي والمحاولات القائمة والمستهدفة الخروج من الحياة القبلية إلى حياة اجتماعية وسياسية متقدمة.

٤- الإحساس بالانتماء إلى ما هو أكثر, أو أكثر من القبيلة.

٥- نقل الصور الحضارية التي تتلامح لهم في تجوالهم وترددهم على مواطن أخذت بنصيب من التقدم والعمران.

٦- قيام الشاعر برحلة ضرورية تخرجه من إطار حياة ضيقة للقاء عالم أرحب.

٧- نمو فردية جديدة لدى هؤلاء الشعراء تختلف عن فردية القبيلة، وهي فردية ترهص لمجتمع جديد أو تتطلع إليه.

ويختار الباحث نماذج للدراسة والتحليل والتدليل على منطلقاته، وهذه النماذج هي: الأعشى والنابغة وحسان٢, وهؤلاء الثلاثة الذين اختارهم اتفقوا في أمور واختلفوا في أمور، فهم قد تجاوزوا القبيلة ورئيسها إلى مديح ملوك أو رؤساء آخرين, وهم تنقَّلوا في مناطق مختلفة وبعيدة عن مواطنهم، وهم تمثلوا خلائق وعادات ومذاهب غريبة عن محيطهم، وهم طوَّعوا أساليب خاصة بهم مختلفة عمَّا ألفه الشعر الجاهلي.

وفي معرض حديثه عن "الخارجين عن القبيلة أو على تقاليدها"٣ يرى أن الخروج يأخذ معنيين: معنى فردي يلتزم به فرد أوفر إحساسًا بضيق الحياة ولا معناها, فينعكس ذلك في سلوكه وشعره على شكل من الاستبطان والمشاقة اللذين يعبران عن حدَّة التشوق مع استشعار العجز عن تبديل الواقع أو تطويره، فلا يجد صاحبها


١ المرجع نفسه ١٥٧-١٥٨.
٢ المرجع نفسه ١٥٨-١٨٠.
٣ المرجع نفسه ١٨١-١٨٢.
٤ مدخل إلى الأدب الجاهلي ١٨١-١٨٢.

<<  <   >  >>