للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسانية عميقة أنتجتها وقائع فعلها في النسيج الاجتماعي١.

٥- خلاصة رأيه أو نظريته في البرهة الطللية: إنها التغام لثلاث لحظات يقوم بينها تجادل تمثلي يذوب ويصهر كل واحدة في الأخرى, فيفضي إلى اندغامها جميعًا في تركيبة كلية البنية, يعسر فرز أقانيمها الثلاثة كلًّا على حدة, وهذه العناصر الثلاثة: القمع الجنسي، والاندثار الحضاري، وقحل الطبيعة. فالشاعر يوحد بين القمع الذي تتعرض له الطبيعة، وتقوم به في الوقت نفسه، بفعل القحل وانحباس المطر، وهو ما ينعكس بدوره على الفرد والجماعة، وبين الهدم الذي يصيب الحضارة من جراء ذلك القحل، وكذلك بين القهر الذي يتعرض له البدوي، بفعل الرقابة الاجتماعية الكابحة، أو بفعل ما تمارسه التقاليد من حظر وكظم عليه, فالرسم الدارس لحظة ممتازة ينكشف فيها الجدب والتدمير معًا، يحلق بالفرد مأخوذًا على أنه كلية مجردة، من احتجاز جنسي يحول دون التلبية المباشرة, وتفريغ المشحون الجنسي٢.

ويقدم الباحث، انطلاقًا من هذه النظرية، دراسة تطبيقية حيث يحلل طلليات كل من زهير ولبيد والنابغة٣.

٦- يثير قضايا طللية منها: عدم التوازن بين اللحظات الثلاث، وطللية الحضريين، وحنان الحيوانات على صغارها، وتشبيها لطلل بالكتابة، والخصيصة الإطلالية للطبيعة.

وخلاصة ما يراه: إن الطللية تلقيد شعري لا يشترط أن يكون للشاعر محبوبة مهاجرة، ومما يؤكد هذا أن شعراء المدن لم يختلفوا عن شعراء البوادي من حيث الإكثار من الوقوف على الأطلال، وإن كان ثمة فارق مضموني بينهما، فشعراء البادية هم الأكثر عمقًا والأبعد غورًا في طللياتهم؛ لأنهم ألصق بالظروف التي عملت واستمرت تعمل على إفراز الشعر الطللي٤.


١ مقالات في الشعر الجاهلي ١٢٢-١٢٣.
٢ نفسه ١٤٠-١٤١.
٣ نفسه ١٤٧-١٨٠.
٤ نفسه ١٨٣.

<<  <   >  >>