للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٥- العصر الجاهلي عصر بطولي حقًّا، فيه يغدو الموت في قبضة الإنسان مثلما أن الإنسان في قبضة الموت, ولذا غدت في هذا العصر الفروسية قيمة مثلى١.

١٦- الفرق الأساسي بين الشاعر الجاهلي والشاعر في أية مرحلة يكمن في أن الجاهلي يستهدف أن يخزن إنجازاته في مستودع القصيدة، بينما الآخر ينبغي أن يخزن ذاته خارج التاريخ٢.

١٧- وأخيرًا أن موضوعات المعلقة ليست بسيطة، كما يبدو للوهلة الأولى, إنها أشبه بالأسطورة التي تبدو مجرد مادة للتسلية، ولكنها في الحقيقة صورة فنية لمعنى الغور يربض في أعماق الذاتية البدائية٣.

وقبل أن يشرع في تحليل معلقة أمرئ القيس يقرر منهجه بمطالبة حركة النقد الأدبية "بتحليل المورثات الجاهلية والتراثية بعامة بغية استبار المعنى الكلي المستتر في أعماق جزئياتها، وبغية ربطها بالشرط التاريخي والاجتماعي والبيئي الذي أثمرها، من أجل الوصول إلى الكيفية التي أثر بها تقدم التاريخ على مضمون الإنسان"٤.

ويؤكد بعد ذلك بأن "المضمون التحتاني لمعلقة هذا الشاعر هو الاستنكاف الذي أبداه الإنسان منذ الأيام الأولى لنشوء القهر واضطهاد الحرية"، وأن هذه القصيدة هي "أعظم احتجاج على الحظر قدمه الشعر الجاهلي قاطبة"٥.

وحتى نستوعب قيمتها كأدب مقاوم, فإن علينا "أن نربطها بالتغيرات التاريخية العميقة التي كانت قد ترسخت في المرحلة الجاهلية، والتي كانت تنحو نحو تأسيس أخلاق جماعية لها قوة إقحام التاريخي على الغرائز أو قوة إملائه"٦.

وتبدأ المعلقة بالبرهة الطللية حيث يتجلى "قمع العلاقات العشقية على أشده، وحيث يتبدى الألم في كلية حضوره"٧, وتشغل البرهة الطللية الأبيات "١-


١ بحوث في المعلقات ١٠٥.
٢ نفسه ١٩.
٣ نفسه ١١٥.
٤ نفسه ١١٩.
٥، ٦ نفسه ١٢١.
٧ نفسه ١٢٢.

<<  <   >  >>