للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عرض للشعر الجاهلي من وجهة النظر هذه، وإن كان قد غلب عليه التنظير ولم يفصل في تطبيق منهجه, بل اكتفى بذكر رءوس موضوعات، ذلك هو الباحث حسين مروة في كتابه "النزعات المادية في الفلسفة العربية"١, ونورد هنا أهم ما جاء في الفصل الذي عقده للجاهلية بعنوان: "في الجاهلية".

١- إن الفارق الحضاري بين عرب الشمال وعرب الجنوب يكشف عن حقيقة "أن تاريخ العرب قبل الإسلام تعرّض لحالة من الانقطاع التاريخي في حركة تطوره, ربما كان لها أمثالها في مراحل سابقة أيضًا"٢, وإن هذا الانقطاع قد نشأ إما "عند منعطفات التعاقب بين الدول التي عرفها التاريخ في القديم، وإما من أثر الصراع بين هذه الدول من جهة، وبينها وبين الدول الخارجية بأشكال متنوعة من جهة أخرى"٣.

٢- من أبرز الظواهر التاريخية التي تتجلى في المرحلة الجاهلية الأخيرة٤.

أ- ظهور علائم الانحلال في النظام البدائي للانتقال من الاقتصاد الطبيعي إلى الاقتصاد البضاعي, حتى التبادل النقدي، ومن أبرز هذه العلائم: تقلص المشاعية البدائية، وظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.

ب- بداية تحوّل سلطة رئيس القبيلة عن أساسها القديم، وهو مراعاة التقاليد القبلية فقط، إلى أساس جديد هو مراعاة الوضع الاقتصادي للرئيس إلى جانب الواضع القبلي التقليدي.

ج- زوال الوضع الأمومي "الطوطمي" في العلاقات العائلية وسيادة العلاقات الأبوية "البطريركية".

٤- يجب النظر إلى الأهمية البالغة لوجود لغة عربية وشعر عربي في المرحلة الأخيرة للجاهلية, هي على مستوى متطور يكاد يتخطى مستوى النظام الاجتماعي القبلي في تلك المرحلة، بالرغم من كونهما يحملان انعكاسات أمنية لمختلف ظاهرات هذا النظام٥.


١ صدر عن دار الفارابي، بيروت، ١٩٧٩م، الجزء الأول, وقد خصص الصفحات من ١٧٥-٣٢٦ للحديث عن الجاهلية.
٢, ٣ نفسه ١٨٠.
٤ نفسه ١٨٣.
٥ نفسه ١٨٤.

<<  <   >  >>