للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحياة. ويرى النويهي أن معيشة زهير طول حياته بين قوم ليسوا قومه ذوي العصب كانت من أهم الأسباب التي مكَّنته من أن يعلو على العصبيات القبيلية المتناحرة، وأن يرى فظاعة الحرب وجنايتها على الفريقين المتصارعين، حتى وصل إلى فلسفته السامية السلمية التي جلتها معلقته١.

وفي الفصل الثاني عشر٢ يدرس "ميمية الجميح الأسدي" التي مطلعها:

يا جار نضلة قد أنى لك أن ... تسعى بجارك في بني هدم

وإن أول شيء يقرره النويهي أن القدماء عجزوا عن فهم ابتداء القصيدة بثلاثة أبيات تقطر سخرية مرة، وسرعة الحركات في البحر الكامل والبتر المفاجئ العنيف الذي يدخلها، وهذا كله ليوحي بغيظ شديد يجيش في صدر الشاعر، ليصل إلى توعد مخيف بالانتقام الماحق، إلى صرخة مجروحة على صديقه الذي قتل غدرًا٣.

وفي الفصل نفسه "حماسة وغضب" يدرس قصيدة أخرى لشاعر جاهلي هو "يزيد بن الحذاق الشني٤" مطلعها:

أعددت سبحة بعدما قرحت ... ولبست شكة حازم جلد

وفي الفصل الثالث عشر "هدوء المشيب" يدرس "لامية زهير" مطلعها:

ويذكر النويهي إحدى خصائص زهير الفنية, وهي التنسيق الماهر العذب لأسماء الأماكن٥, وإن قصيدته تنقسم إلى الأقسام التالية: النسيب، والصيد، ومدح حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري.

وفي الفصل الرابع عشر "دقائق التنغيم الصوتي، الحزن: الرثاء" درس عينية أبي ذؤيب الهذلي التي مطلعها:

أمن المنون وريبها تتوجع؟ ... والدهر ليس بمعتب من يجزع

والقصيدة بمضمونها الفكري والعاطفي وأدائها الفني تنتمي إلى العصر الجاهلي, بالرغم من أنها نظمت بعد الهجرة بعقدين, والسبب هو استمرار جزء من


١ النويهي ٥٣٢-٥٣٣.
٢ نفسه ٥٥٤ وما بعدها.
٣ نفسه ٥٦٨-٦٤٨.
٤ نفسه ٥٨٢.
٥ نفسه ٦٤٩-٧١٠.

<<  <   >  >>