للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجاهلي"١, وهو بحث في التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي, ويقرر الباحث في ملخص بحثه أنه اتخذ من الصورة الشعرية محورًا للكشف عن المعنى في الشعر الجاهلي. ولكي تتحقق خصوصية هذا الشعر ربط البحث دراسة الصورة فيه بعقلية الجاهليين, والعناصر الحياتية البسيطة التي تيسرت لهم, فأدخلوها في تركيب أشعارهم, واتخذ البحث -من أجل ذلك- من النظرة الأسطورية التي كان عليها الإنسان البدائي منطلقًا للكشف عن ماهية الصورة الجاهلية والمعنى الجاهلي, ذلك لأن الديانة الوثنية التي كان عليها العصر الجاهلي كله فرضت هذه النظرة في تصور الإنسان الجاهلي للحياة والوجود.

استعان لإثبات ذلك الذي ذهب إليه بجولة في العقلية الدينية السحرية والخرافية, وما كمن خلفها من اندماج روحي بالأشياء، وهو الاندماج الذي تحققه الصورة الشعرية بشكل عام.

وتابع البحث بعد ذلك السمة الصورية في مواضعها من الشعر الجاهلي: في الكلمة، وفي التشبيه، والاستعارة، والوصف، والقصص، مفيدًا في ذلك كله من طبيعة المقارنة بين العناصر والحدود التي تصدر عنها الصورة الشعرية.

وقد حاول الباحث تجاوز الحسية والغرض ووحدة البيت والجزئية التي ما زالت الدراسات التقليدية تنتهجها, وطرح بدائل أكثر شمولية, فربط الشعر الجاهلي بالتجربة الوجدانية للإنسان العربي القديم حتى أصبح الحسّ روحًا, والغرض حدثًا, والوحدة الجزئية بناءً دراميًّا تتفاعل على داخله المتشابهات والمتنافرات لتشكّل وحدة نموذجية جذرية, يلتقي فيها الواحد بالمتعدد, والذات بالمجموع، والخاص بالعام.

وينطلق الباحث في مناقشاته النظرية والتطبيقية من نظرية شمولية عامَّة للشعر؛ حيث هناك عنصر عام مشترك يجمع الشعر في كل زمانٍ ومكانٍ, هو حاجة الإنسان إلى تعبيرٍ قولي منظم عن تجربته ومعاناته في مواجهة الكون والوجود.

وغرض البحث، كما حدَّده الباحث، رسم مسار عام يمكن لأية دراسة تفصيلية مشابهة أن تسلكه٢. وأما اختيار العنوان: "دراسة المعنى بالصورة", فإنما


١ نشرته المجلة العربية للعلوم الإنسانية، المجلد الثاني، العدد السادس "١٩٨٢"، ص٨٠-١١٠.
٢ نفسه ص٨١.

<<  <   >  >>