للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختاره للتغلب على معضلة نقدية قديمة، وهي الفصل الذهني بين الشكل والمضمون, أو المادة والبناء, عن طريق حرف العطف "الواو" الذي يقوم فيهما بفصل الشيء عن ذاته١.

ويذهب الباحث بعد استعراض آراء النقاد الغربيين إلى تبني أن الصورة بنضارتها وتكثيفها وقوة الاستدعاء فيها, تتولد بعد مواجهة حقيقة من الشاعر للعالم, وإقبالٍ روحي عليه, واندماج كلي فيه. لذا تصبح رؤيته فيها خاصة, وأقلّ ما توصف به أنها رؤية داخلية متميزة لعالم جديد متميز، وهي رؤية تبتعد عن العادي المألوف, أو العلمي الدقيق, وتجري وراء الخفي البعيد المدهش٢.

أما عن دراسة الأدب الجاهلي: فيرى الباحث أن هذا الشعر يظلّ وإلى الأبد يفرض نفسه على كل جيل، ومن هنا تغدو دراسته ودراسة الشعر القديم بعامَّة بعقلية جديدة إحياء له في الشعور والوجدان، وهو رأي اقتبسه وتبناه من بعد الدكتور شكري عياد.

وللصورة عنصران أساسيان لا بُدَّ لكل ناقد من اكتناهها, وهو يتعامل معها وهما:

١- نوعية العناصر الداخلة في تركيب الصور وعلاقتها المتشابكة.

٢- طبيعة العقلية المشكلة لذلك التركيب ورؤيتها للوجود.

ويفترض الباحث أن الإنسان الجاهلي ذو تفكير وثني، وأن مثل هذا التفكير يثبت أنه كان يحتفظ بمقدار كبير من الطبائع العقلية لأجداده القدامى، وأنه كان يصر على الاحتفاظ بهذه الطبائع، وذلك استنادًا إلى قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُون} ٣.

والجاهلي بدائي، من وجهة نظر الباحث، وليس بدائيًّا بمفهوم التخلّف كما فهمت من مناقشتي معه، ولكنه لأنه يشكل نقطة البدء الحضارية للعرب. والبدائي


١ مدخل إلى دراسة المعنى بالصورة ٨١.
٢ نفسه ٨٢.
٣ سورة الزخرف آية ٢٢.

<<  <   >  >>