للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبحث الأخير هو "التشبيه الدائري في الشعر الجاهلي: دراسة في الصورة", ويعرف التشبيه الدائري بأنه المشاهبة التي يحدثها الشاعر بين شيئين أو أشياء في تركيب فاتحته نفي بحرف "ما"، وخاتمته إثبات بحرف "الباء", واسم التفضيل الذي على وزن "أفعل"١, ويسرد الباحث تاريخ هذا المصطلح في النقد العربي القديم، وخلص إلى أنهم لم يعدوه نوعًا من التشبيه، بل نوعًا من البديع، واختلفوا بعد في تسميته. ولم يكن حظ المحدثين بأوفر من القدامى، لذا فقد سموه بأسماء مختلفة٢, لذلك اصطنع لنفسه هذا المصطلح الذي لم يرد كاملًا عند أحد.

وقد نبه الباحث إلى أن هذا التشبيه كثر وروده في الشعر الجاهلي إذا ما عد لونًا مميزًا، فقد أحصى ثمانية وخمسين تشبيهًا دائريًّا لدى اثنين وعشرين شاعرًا, ولكن شاعرين برزا في هذا اللون هما: الأعشى وأبو ذؤيب الهذلي٣. ولاحظ الباحث أن هذا التشبيه ترتد عناصره إلى مصادر أساسية ثلاثة: الحيوان والطبيعة والإنسان٤.

أما الحيوان: فتتوزع على الظبية والأسد والنعامة والصقر, وأما الطبيعة: فكان التشبيه موزعًا بين الماء والنبات والصخر, وأما الإنسان: فتوزّع بين شراب الإنسان والنماذج البشرية والأم.

ويربط الباحث بين النماذج التي عرضها والحكاية القصيرة أو الطويلة، ولاحظ أنها تركز أولًا على الحدث أكثر من الصفة، وأنها تطور الشخصيات المحركة لها والمتحركة بها، وأنها اهتمت بالمكان والزمان، وهكذا غدت الملامح القصصية في التشبيه الدائري من أهم الظواهر المشتركة بين نماذجه المتعددة في العصر الجاهلي.

وقد ربط الباحث أيضًا بين هذا التوجّه القصصي والحكاية الخرافية التي حصرها الشاعر في مشاهد متعددة في القصيدة الواحدة, ولهذا صلة بالعقلية العربية في العصر الجاهلي.


١ قدم في ندوة المرحوم محمود الغول، جامعة اليرموك، أربد، الأردن، ١٩٨٤، ونشر في المجلة العربي للعلوم الإنسانية، عدد١٧، ١٩٨٥، ص١٢٤-١٥٣.
٢ نفسه ٢.
٣ نفسه ٢-٣.
٤ نفسه ٥.
٥ نفسه ٦.

<<  <   >  >>