للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه السلام وكيف ترقت به الأحوال ولطف الله به وله بما قدره عليه من تلك الأحوال التي حصلت له في عاقبتها حسن العقبى في الدنيا والآخرة. وكما يمتحن أولياءه بما يكرهونه لينيلهم ما يحبون، وكم لله من لطف، وكرم لا تدركة الأفهام ولا تتصوره الأوهام، وكم استشرف العبد على مطلوب من مطالب الدنيا من ولاية ورياسة أو سبب من الأسباب المحبوبة فيصرفه الله عنها ويصرفها عنه رحمة به لئلا تضره في دينه، فيظل العبد حزينا من جهله وعدم معرفته بربه، ولو علم ما دخر له في الغيب وأريد إصلاحه لحمد الله وشكره على ذلك، فإن الله بعباده رؤوف رحيم، لطيف بأوليائه.

وفي الدعاء المأثور: "اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب"١ اللهم الطف بنا في قضائك وبارك لنا في قدرتك حتى لا نحب تعجيل ماأخرت ولا تأخير ما عجلت٢.

واعلم أن اللطف الذي يطلبه العباد من الله بلسان المقال، ولسان الحال هو من الرحمة بل هو رحمة خاصة فالرحمة التي تصل العبد من حيث لا يشعر بها أو لا يشعر بأسبابها هي اللطف فإذا قال العبد: يالطيف الطف بي أو لي وأسألك لطفك فمعناه تولني ولاية خاصة بها تصلح أحوالي الظاهرة، والباطنة وبها تندفع عني جميع المكروهات من الأمور الداخلية والأمور الخارجية.

فالأمور الداخلية لطف بالعبد.

والأمور الخارجية لطف للعبد فإذا يسر الله عبده وسهل طريق الخير وأعانه عليه فقد لطف به وإذا قيض الله له أسباباً خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد


١ أخرجه الترمذي (٥/ ٥٢٣) كتاب الدعوات، وقال هذا حديث حسن غريب، وقال عبد القادر الأرنؤط وحسنه الترمذي وهو كما قال. انظر: جامع الأصول (٥/ ٣٤١).
وضعفه الألباني كما في ضعيف الجامع (ص ٤٥٣ و٤٥٤).
٢ الحق الواضح المبين (ص٦١، ٦٢).

<<  <   >  >>