يستحق الاهتمام، فهو أحمق. غير أن البصر المركزي النافذ في الكتاب، أعني إجراءه المقارنة بين طاقة توين في الإحساس وسماجة كثير مما حققه فذاك سليم رصين وإن كان مشوباً بالمبالغة.
وفي الكتاب أشياء كثيرة مشمولة بقوة البصيرة ومن بينها: تعرف بروكس إلى أن رمز بحار المسيسبي هو النموذج الأعلى للحرية والرضى الخالق؟ حتى في الفن؟ عند توين (كما أنه يرضي بروكس لأنه في مجال وسط بين الرجال المثالي والعملي، بين الممتاز والعادي، بين ادوردز وفرنكلين) ومن ذلك أيضاً يقظته على أن استقبال توين الأخير في السرير يعد أنموذجاً رجوعياً مثل غرفة بروست المخططو بالفلين (١) ؛ وتنويهه بأن اهتمام توين بازدواج الشخصية في مثل قصته " التوأمان الغريبان " Those Extraordinary Twins إنما نوع من التذبذب بين الاستنارة والركود، وملحظه أن قصة " العصر المذهب " The Gilded Age حديث عن الأعمال في صور دينية. وفي الكتاب غير قليل من الحماقة والتشويه والإغراق في تبسيط ما يستمده من مارس وفبلن وفرويد ومن أي نظرية تقع في متناول يده، ولو كانت أخلاقية غثة، إلى حد أن يهتف قائلاً: أيها الأدباء ثوروا ما دام هذا النظام قد فعل ذلك بتوين! ولكن الأثر الكلي غاية في الإفادة، والكتاب إسهام طيب في تبيان تأثير النقد المعتمد على السيرة، ضمن حدوده، واتهام لبروكس الذي لم يفد منه في آخر أيامه.
ولعل أكبر ضعف في الكتاب هو انعدام روح الفكاهة عند بروكس انعداماً مؤبداً مطلقاً (اقترح مرة أنه كان على آدمز أن يسمي سيرته " خيانة هنري آدمز " لا أن يسميها " تربية هنري آدمر ") ومما يميز منهجه أنه يحلل، في منتهى التزمت، نكتة من نكات توين أشوى فيها ولم يصب الهدف،
(١) كانت هذه الغرفة في وسط منزله في شاعر هاوسمان، وكانت مهبط وحيه، ولم يكن يغادرها إلا نادراً. ثم اضطر بعد سنوات إلى إخلاء المنزل بسبب بيعه إلى إحدى الشركات التجارية.