العصبي وأحلناه إلى حتمية بسيطة تربط ما بين طبيعة الحياة لفردٍ ما وبين إنتاجه الأدبي كان ذلك هو القضية الأولى التي ينبني عليها النقد المعتمد على السيرة في وقتنا الحاضر.
ومن هذا النقد عدد من الأشكال المعاصرة الخاصة أحدها يكاد يختص بهنري جيمس وهو التاريخ الخاص للأثر الفني نفسه: أي ماذا عمل الفنان وماذا سمع وماذا قال وفي أي شيء فكر أثناء خلق الأثر الفني. ولفرجينيا ولف طريقة خاصة طورتها في كتابها " القارئ العادي " بجزئيه الأول والثاني، مقتفيةً بذلك خطوات ليتون ستراشي الذي قصر همه تقريباً على الشخصيات التاريخية. وتعتمد طريقتها إحياء شخصيات أدبية ومدارس وعهود بصور حيوية وقطع أدبية مركزة لبيقية دسمة. ذلك لأنها تستحضر جو الذين تكتب عنهم وطبيعة حياتهم وطيب شذاهم. وليس ذلك تحليلاً ولا هو تماماً سير ولا هو نقد وربما كان نوعاً من " مسرحيات القراءة "(١) ، ومهما يكن أمره فإنه شيء خلاب بالغ القيمة. أما هربرت ريد فإنه قد عكس، في ترجمته لوردزورث، طريقة النقد المعتمد على السيرة، على نحو ساخر، وأخذ يحلل شعر وردزورث " ليفسر به حياته " مثلما أن النقاد الاجتماعيين كتين؟ ضمناً؟ وتوماس كنج وبل في هذا البلد؟ صراحة؟ يدرسون المجتمع متخذين الأدب نبراساً في دراسة التاريخ الأدبي لا العكس. وركز نقاد آخرون معاصرون اهتمامهم على الطريقة البيوغرافية مثل مارك شورر في سيرة " وليام بليك " وف. أ. ماثيسون في كتابيه " سارة أورن جيوت " و " النهضة الأميركية ". وبيتركونيل في " بودلير والرمزيون " وفي " الفضائل الدنيوية "
(١) Closet Drama، مسرحية تكتب للقراءة فحسب، لا للتمثيل. وتكون عادة من النوع الفكري الغامض الذي لا يتيسر للجمهور فهمه عندما يعرض عليه ممثلاً على خشبة المسرح. على أن هذا الاصطلاح نسبي، فالمسرحية التي لا تصلح إلا للقراءة في بلد، قد تكون صالحة للتمثيل في بلد أخر. ومن هذا النوع مسرحيات شللي وبيرون وبراوممج وتنيسون في انجلتره ومسرحيات توفيق الحكيم الفكرية وفريدة بشرفارس.