هي في الحقيقة غامضة. تنطوي على شيء من التناقض، بل هي في الأكثر، " ميتافيزيقية ". وهكذا نراه يقدم لنا القصائد المألوفة ويعرضها في ثياب جديدية. و " يترجمها " من البساطة إلى التعقيد. وقد قام فلاديمير نابوكوف بعمل مشابه في دراسته العجيبة " نقولا غوغول " Nikolia Gogol (١٩٤٤) ، إذ حاول أن يعيد تفسير غوغول، الذي اشتهر عنه أنه كاتب اجتماعي ساخر سهل القراءة، بطريقه جديدة؛ فأكد أنه كاتب معقد جدي لا يحفل بالمجتمع، وأنه غير عقلاني، بل أنه يكاد يكون رائدا للسريالية. وينهج نابكوف في هذه الترجمة العكسية، نهج ولسن الأثير لديه وهو تلخيص الحبكة (ومن المعروف أنه اتصل بولسن، لعدة سنوات، وإن آثاره حازت التقدير عند ولسن) ، مع أنه يبين أنه يقدم للقارئ " الحبكات الحقيقية " التي كتبها غوغوكل، والتي " تختفي وراء الحبكات الظاهرة ". ومما يمكن ملاحظته أن نابكوف أيضاً يستعمل اسلوب الترجمة الحرفية على طريقة بوند، فيقدم ترجمات إنجليزية جديدة للقطع والآثار التي يدرسها، معلنا بصراحة عن إيمانه أن الترجمات القديمة غير صالحة من حيث الأسلوب والنسق؟ ويجب أن نقر هنا بأن ترجماته تبدو أرفع مما سبقها؟ بل أنه أحيانا يترجم ترجمة مفصلة، دور الإيحاء والمعنى في أسماء الأعلام عند غوغول) .
ومن الوضاح أنه لا جدوى من إضاعة الوقت في بحث ذلك النوع من " التبسيط " الذي يقصد به كسب المال على حساب رغبة القراء في التظاهر بالمعرفة الأدبية. ومثل هذه الكتب تسير جميعاً على نسق واحد: سيرة الكتاب، ويفضل أن تكون لكاتب عرف عنه الشذوذ الجنسي، مثل بيرون ووايلد، يراعى فيها بقدر الإمكان إبراز فضائحه، وتضم إليها خلاصة وافية لتمكن القارئ من التظاهر بأنه قرأ آثار ذاك الكتاب. ويمكن أن تقع على أسماء هذه الكتب، في قوائم الكتب الرائجة جداً.