للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعلومات النفسية والتحليل النفسي، وبهذا يصبح جونسون وسنت بيف وكولردج وفرويد على قدم المساواة في مجال النقد التاريخي. وطريقة ولسن في النقد التاريخي تعتمد دائما العوامل الاجتماعية والنفسية، مع التوكيد على العوامل الاجتماعية في نقده المبكر، ثم الانصراف تدريجيا نحو العوامل النفسية، كلما قطع شوطا في طريق التظور. على أن تحليلات ولسن التي اعتمد فيها على هذه العوامل المختلفة جميعا في الوقت نفسه تبدو أكثر توفيقا، إذ يفيد من ماركس وفرويد، وذلك يتجلى في دراسته لقصة بروست الضخمة، لا على أنه تعبير عن اعتماد بروست الشاذ على أمه، وما نجم عن ذلك من " نزعات انحراف طفولية مجدبة " فحسب، بل على أنها أيضاً تعبير عن " قصة الحضارة الرأسمالية " التي تذكر المرء بمسرحية " البيت المحطم للقلب " (١) .

إن تاريخ اتجاه ولسن نحو الماركسية، سجل غريب حقا. ففي مطلع العقد الرابع من هذا القرن يبدو أنه كان يعتبر نفسه ماركسيا، كما يشهد بذلك كتابه " المشاعر الأميركية الهائجة " The American Jitters، وكتاباته السياسية وبخاصة تلك التي ظهرت حوالي تلك الفترة (١٩٣٢) . ويظهر أنه بدأ في كتابه " إلى محطة فنلندة " حوالي ذلك التاريخ إطراء للماركسية وعرضا لقدرتها على تحويل النظرية التاريخية إلى تطبيق عملي. وخلال السنوات السبع التب قضاها في تحبير الكتاب، فقد إيمانه بالماركسية، وبدأ التحول في منتصف الطريق (٢) ، وانتهى إلى القول بأن الماركسية


(١) إحدى مسرحيات شو، ويعرض فيها إفلاس حضارتنا الحديثة، كما تجلى عقب الحرب الكبرى.
(٢) يمكن أن نشير هنا إلى تحول مشابه حدث عند ولسن في منتصف الطريق، وذلك أثناء تحبيره لكتاب " قلعة أكسل "، فبذلك نفسر لم بدأ هذا الكتاب بالانتفاض من أدباء كان يعتبرهم غير مسؤولين من الناحية الاجتماعية، ثم انتهى بنثر الزهور في طريقهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>