للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التراجمة من تلك الأقوال يقع تحت اسم ((Gnomonologia أو (Florilegia) ويضم أقوالا حكمية وأشعاراً لا تفترق في كثير عن الأقوال الحكمية، وأكثر المقصود فيها الغاية الأخلاقية، كما تؤدي إليه لفظة " أدب " التي تطلق على ما يترجم أو ينقل عن الفارسية، وقد لقيت تلك الأقوال عناية كبيرة، وخاصة بعد مرحلة الترجمة، إذ أفردت بالتأليف، أو نثرت على نطاق واسع في الكتب الأدبية.

ومن الممكن أن نتبين في هذه الدراسة أربعة خطوط متوازية في مختلف فصولها، إذ هي تعالج الشعر المترجم، وتحوير الحكم النثرية في صور شعرية، وتشكيل الأدب السياسي في قوالب وصور أدبية، واللقاء على مستوى الأمثال والخرافات والأساطير بين الأدبين، ومن ثم كان من الممكن أيضا معالجة مصادرها في أربعة أقسام كبرى:

١ - مصادر الشعر:

إن القول بأن العرب عرفوا الشعر اليوناني؟ أو على وجه أدق تلقوا ما عرفوه منه - بطريقة عارضة (١) ، لا يزال يلجأ إلى النماذج الشعرية التي وردت في ترجمة كتابي الشعر والخطابة لارسطاطاليس، وفي بعض التعليقات عليهما، وقد استطاعت النماذج الواردة في هذين الكتابين، رغم ما أصاب بعضهما من تحريف؟ أن ترسخ في نفوس طلاب الثقافة اليونانية أهمية أوميرس (٢) وتدل على مكانته بين اليونانيين وخاصة لدى ارسطاطاليس الذي كان يحتفظ بديوان شعره معه فلا يفارق متكأه (٣) . ويمثل كتاب " تحقيق ما للهند من مقولة " وكتاب " الآثار الباقية " للبيروني مصدرا هاما لبعض الأقوال الشعرية العارضة، التي تتميز عن النماذج الأخرى المنقولة بدقة قرابتها إلى الأصل، وبصحة نسبها. ويقدم كل من البيروني وتاريخ أوروسيوس (هروشيس) نموذجين للجو العام الذي عاش فيه الشعر اليوناني نفسه، أعني بذلك جو الأسطورة، إذ يوردان عددا من


(١) هذا هو رأي كريمر في مقالته (انظر ص:٢٦٣) وراجع رأي روزنتال في The Glassical Heritage p.٢٥٥. حول هذا الموقف نفسه.
(٢) هذه هي الصورة التي اخترناها هنا وفي سائر الكتاب، وإن كان الاسم يرد في صور مختلفة، ويرد عند المحدثين بصورة " هومر " أو هوميروس؟ الخ.
(٣) صوان الحكمة (طهران) : ١٩٢.

<<  <   >  >>