التي تدور حول استطالة الحياة ومحاولة التخلص منها لأن ذلك يحقق شيئين: اللحاق بالله واللحاق بالإخوان والأصحاب، وفي حدة الثورة على الوضع السيء يكمن الأمل في التخلص من هذه الحياة عند الخوارج، أي أن الموت عندهم هو الدين الحقيقي، ولذلك كان الشاعر الخارجي في صراع كبير مع الزمن، وسبيله للانتصار عليه هو الموت؟ موقف معكوس إذا نحن آمنا بالحياة الدنيا. قارن صراع الخوارج مع الزمن بصراع أتقياء أهل السنة له، تجد أن أتقياء أهل السنة يؤمنون أن الصبر هو طريق النصر، وقارنه مع الصوفية تجد أن هؤلاء يؤمنون بأن المسافة انتصار متوج بالموت؛ بالاتحاد أو الفناء، أما الخوارج فيرون أن تقصير المسافة انتصار متوج بالموت؛ ومن أجل هذا التهافت على نار الموت؟ طواعية واختيارا؟ نجد لديهم تلك النغمة القوية التي تصور استطالة الحياة أي التبرم بانتصار الزمن، إذ يقول الحويرث الراسبي:
أقول لنفسي في الخلاء ألومها ... هبلت دعيني قد مللت من العمر
ومن عيشة لا خير فيها دنيئة ... مذممة عند الكرام ذوي الصبر
سأركب حوباء الأمور لعلني ... ألاقي الذي لاقى المحرق في القصر وفي مثل هذا الموقف يكمن صراع حاد بين ميل للبقاء وميل للحاق بالإخوان الذاهبين، وهو صراع طبيعي في الموقف الإنساني، ومن صدق الخوارج أنهم لا يخدعون أنفسهم في مثل هذا الموقف وإنما يصورون تعلقهم بالحياة، من خلال تصويرهم للملل الذي اعتراهم من ابتعاد الموت، يقول زياد الأعسم في تصوير هذا الملل:
أقيم على الدنيا كأني لا أرى ... زوالا لها وأحسب العيش باقيا ويقول قطري:
إلى كم تغاريني السيوف ولا أرى ... مغاراتها تدعو إلي حماميا