للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم رتَّب عليه ما أراد الاستدلال به من التَّوحيش، ووداع رمضان بالأناشيد، فقال: «ومن يطَّلع على مواضيع القصائد التي تنشد أثناء تلاوة الموالد في هذه البلاد، وعلى حال مستمعيها، يذعن أنّها من هذا القبيل، خصوصاً إذا كان المنشدُ صالحاً، حَسَنَ الصَّوت، ومما تقدَّم يتبيَّنُ حكم الاجتماع المعتاد في البلاد الشَّامية في المساجد بالليلة التي لا تعاد في شهر رمضان تلك السنة، وذكر المؤذنين فرادى ومجتمعين القصائد المرققة للقلوب، المدمعة للعيون، المشتملة على تنبيه الغافل، إلى ما قصَّر فيه خلال الشهر، وندمه على ما جنته فيه يداه، من قبيح الأعمال وسوء الأحوال، وتبشير الصَّائم فيه بالمغفرة والجنة؛ كقولهم: يغفر المولى لمن صلَّى وصام، أخذاً من قوله - صلى الله عليه وسلم - الذي أخرجه الشيخان: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه» (١) ، وقولهم: «إنَّ في الجنة باباً، اسمه: الريان، لا يدخله إلا صائمُ شهر رمضان» ، استنباطاً مما أخرجه الشَّيخان عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «في الجنة ثمانية أبواب؛ منها باب يسمَّى: الريَّان، لا يدخله إلا الصائمون» (٢) ، وأمثال ذلك من معاني الأحاديث الصَّحيحة، والحِكَم البليغة، من غير تشويش على مُصَلٍّ، ولا إضرار بأحد، ولا تمطيط خارج عن الحدّ، ولا يجلس هذا المجلس إلا كلُّ متشوِّق لسماع ذلك متعطش، وإنَّ ذلك من الاجتماع على الخير، فيكون من البدعة المندوبة، وعلى الأقل فمن المباحة.


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» (رقم ١٩٠١) ، ومسلم في «صحيحه» (رقم ٧٦٠) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري في «صحيحه» (رقم ١٨٩٦) ، ومسلم في «صحيحه» (رقم ١١٥٢) .

<<  <   >  >>