للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام العلاّمةُ ابن الحاج في «المدخل» (١) : «ينبغي أن يمنع من يرفع صوته في المسجد في حال الخُطبة وغيرها؛ لأنَّ رفع الصَّوت في المسجد بدعة» .

قال الإمام ناصر الدين أحمد بن محمد ابن المنيِّر في كتابه المسمَّى بـ «الانتصاف» (٢) : «وحسبُك في تعيين الأسرار في الدُّعاء اقترانه بالتضرُّع في آية {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥] ، وإنَّ دعاءً لا تضرّع فيه ولا خشوع، لقليل الجدوى، فكذلك دعاء لا خفية ولا وقار يصحبه، وترى كثيراً من أهل زمانك يعتمدون الصُّراخ والصِّياح في الدُّعاء، خصوصاً في الجوامع، حتى يعظم اللغط ويشتد، وتستد المسامع [وتستك] (٣) ، ويهتز الدَّاعي بالناس، ولا يعلم أنه جمع بين بدعتين: رفع الصَّوت في الدُّعاء، وفي المسجد، وربما حصلت للعوام حينئذ رقّة لا تحصل مع خفض الصَّوت، ورعاية سمت الوقار، وسلوك السنة الثابتة بالآثار، وما هي إلا رقة شبيهة بالرِّقة العارضة للنِّساء والأطفال، ليست خارجةً عن صميم الفؤاد؛ لأنها لو كانت من أصل لكانت عند اتّباع السُّنَّة في الدُّعاء، وفي خفض الصّوت به، أوفر وأوفى وأزكى، فما أكثر التباس الباطل بالحق على عقول كثير من الخلق! اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه» انتهى.


(١) (٢/٢٢٢) ، وانظر منه (١/١٠٦) في رفع الصوت -أيضاً-.
(٢) (٢/٦٦ - بهامش «الكشاف» ) .
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وأثبته من «الانتصاف» .

<<  <   >  >>