للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

الصِّياح بالذِّكر أمام الجنائز، والمولد، والتراويح

ليست مسألة الذِّكر والجنائز والتَّراويح مما ينبغي فيه الاجتهاد فيختلف فيه، أو يكون اجتهاد المجتهدين فيه موافقاً بعضه لبعض، وإنما هي من العبادات التي أكملها الله -تعالى- بالنُّصوص في كتابه، وعلى لسان خاتم أنبيائه ورسله، فلا اجتهاد فيها إلا ما يتعلّق بالإيقاع على الوجه المشروع، وهو ما سماه الأصوليون بتحقيق المناط؛ كالاجتهاد في القبلة، على أن الله -تبارك وتعالى- أكمل الدِّين الإسلاميَّ كلَّه، حتى قواعد الأمور الاجتهادية، وهي أكثر القضاء (١) والسياسية والحرب، لذا قال الإمام العادل عمر بن عبد العزيز: «تحدث للنَّاس أقضية، بحسب ما يحدث لهم من الفجور» (٢) .


(١) كذا في الأصل!
(٢) نقله ابن رشد في «فتاويه» (٢/٧٦١) ، وابن حزم في «الإحكام» (٦/١٠٩) أو (٦/٨٣١ - ط. الأخرى) ، والقرافي في «الفروق» (٤/٢٥١) في (الفرق التاسع والستون والمئتين) عن العز بن عبد السلام، وعنه الشاطبي في «الاعتصام» (١/٤٩، ٣٠١، ٢/٢٧٧ - بتحقيقي) ، وشكك في صحة نسبتها إليه في (١/٣١٢ - بتحقيقي) ، وكذا طعن ابن حزم في «الإحكام» (٦/٨٣١) بهذا الأثر وصحته، قال عقبه: «هذا من توليد من لا دين له، ولو قال عمر ذلك لكان مرتداً (!!) عن الإسلام، وقد أعاذه الله من ذلك، وبرأه منه، فإنه لا يجيز تبديل أحكام الدين إلا كافر» ، وتعقبه العلامة أحمد شاكر بقوله: «هذه كلمة حكيمة جليلة، لا كما فهم ابن حزم، فإن معناها أن الناس إذا اخترعوا ألواناً من الإثم والفجور والعدوان استحدث لهم حكامهم أنواعاً من العقوبات والأقضية والتعزير -مما جعل الله من سلطان الإمام- بقدر ما ابتدعوا من المفاسد، ليكون زجراً لهم ونكالاً» . انظر -لزاماً-: «شرح ابن ناجي على الرسالة» (٢/٢٧٦) ، و «فتاوى محمد بن إبراهيم» (٣/٧٢-٧٣) .

<<  <   >  >>