للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فما يعهد من الاحتفال بالمولد ليس عبادة مأثورة عن الشَّارع، يؤتَى بها على الوجه المشروع، ولا هو عمل دنيوي محض، بل يجمعون فيه بين عبادات يأتون بها أو ببعضها على وجه غير مشروع، وبين لعب ولهو بعضه مباح، وبعضه محظور. فخلط العبادات الدِّينية باحتفالات الزِّينة واللهو، وجعل ذلك عملاً واحداً عن باعث ديني، هو الذي يجعل مجموع تلك الأعمال من قبيل الشَّعائر الدينية، ويوهم العوامَّ أن تلك العادات -وكذا العبادات المبتدعة في هيئتها وتوقيتها وعددها- من أمور الدين المشروعة بهذه الصفة ندباً أو وجوباً.

وصفوة القول: أنّ الذِّكر نفسه أمام الجنازة، والصِّياح به، والمولد بالكيفية المشهورة ليست من البدع الحسنة قط؛ لأنَّ الله -تعالى- أكمل الدِّين، وأجمعت الأمةُ على أن أهل الصَّدر الأول أكملُ الناس إيماناً وإسلاماً، وأنَّ كلَّ بدعة ليست من هذا القبيل، كالمنافع الدُّنيوية، والوسائل التي يقوى بها أمر الدين والدنيا؛ كالمدارس، والمستشفيات، والملاجئ الخيرية، التي يثاب صاحبها بحسن نيته فيها، فإنها تعد بدعةً حسنة.

والتّحقيق: أنَّ هذه لا تسمَّى بدعة شرعية، وإنما يطلق عليها اسم البدعة لغةً، فليس لأحدٍ كائناً من كان أنْ يخترعَ في الدِّين نفسه شيئاً.

وهذا دين الله الإسلام الأعلى بيَّن أيما بيان في كتاب الله وسنة خاتم رسله، وكامل لا يحتاج إلى زيادة، كما لا يصح النّقص منه. فمصالح الإنسان الروحية والبدنية تامة فيه {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: ٢٦] ، {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: ٤] .

<<  <   >  >>