ولو أنَّ الغايةَ تمحيصُ الحق، وإظهارُ الحقيقة فحسب، ما حُفِظ خلاف في غلاف، ولا اتَّسعت رقعةُ الفقه إلى درجة يتعذَّر على الإنسان أن يكون معها فقيهاً (١) .
وبعد هذا:
فإنَّ فيما أتى به الأستاذ الكامل ورفيقاه الفضلاء، من الحجج البالغة، والبرهانات الدّامغة، مقنعاً للمرتاب، وبلاغاً لأولي الألباب، فجزاهم الله خير ما جزى ذابّاً عن الحق، وقامعاً للبدع المنكرة، وأكثر في الأمة أمثالهم من الغير على إماطة كل أذىً عن الدِّين، وإماتة كلِّ بدعةٍ أُلصِقت به، وأرشد المسلمين إلى الاعتصام بحبل الدِّين المتين، والتَّمَسُّكِ بالعروة الوثقى، فما ذلك عليه بعزيز.
٣ جمادى الأولى سنة ١٣٤٤
كتبه
(١) هذا كلام فيه دقة، ويدل على نور البصيرة عند كاتبه، فأفقه الصحابة -على الإطلاق- أبو بكر وعمر، على الرغم من قلة ما ينقل عنهما -رضي الله عنهما- من آراء في بطون الكتب: المسندة وغير المسندة، ومن أقوى الأدلة على اتساع فقههما، ودقته، وصدقه، وكونه حقاً: إبقاء نظم الحياة -في الجملة- في عصريهما على هدي النبوة، وكان هذا شعاراً لأبي بكر في إنفاذ بعث أسامة، فتدبّر!