• قال ابن المنذر [٧/ ٤٠٢] اتفق أهل العلم على أن الله جل ذكره أراد بالآية التي في أول النساء الإخوة من الأم، وبالتي في آخرها الإخوة من الأب والأم.
واتفق أهل العلم على أن الإخوة من الأم لا يرثون مع ولد الصلب، ذكرا كان الولد أو أنثى، ولا مع ولد الابن وإن سفل ذكرا كان أو أنثى، ولا مع أب، ولا مع جد أبي أب وإن بعد، فإذا لم يترك المتوفى أحدا ممن ذكرنا أنهم يحجُبون الإخوة من الأم وترك أخا أو أختا لأم فله أو لها السدس فريضة، فإن ترك أخا وأختا من أمه، فالثلث بينهما سواء، لا فضل للذكر منهم على الأنثى، وإن ترك إخوة وأخوات من الأم فالثلث بينهم سواء، لا فضل للذكر منهم على الأنثى، وكل ذلك إجماع. اهـ
ثم قال: وأجمع أهل العلم على أن الإخوة من الأب والأم، ومن الأب ذكورا كانوا أو إناثا أو ذكورا وإناثا، لا يرثون مع الابن ولا مع ابن الابن وإن سفل، ولا مع الأب. وأجمع أهل العلم على أنهم مع البنات، وبنات الابن عصبة لهم ما فضل عنهم يقسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. اهـ
وقال ابن المنذر [٧/ ٤٠٤] قال الله جل ذكره: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك) ففرض الله جل وعز في كتابه للواحدة والثنتين من الأخوات، ولم يفرض لما فوق الثنتين من الأخوات فرضا منصوصا، وأجمع أهل العلم أن ما فوق الثنتين من الأخوات حكم الثنتين، ولهن وإن كثرن الثلثين. وجاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما أجمع عليه أهل العلم من ذلك. اهـ وذكر حديث جابر. ثم قال: قال الله جل ذكره: (وهو يرثها إن لم يكن لها ولد)، واتفق أهل العلم على أن الأخ من الأب والأم يحوي جميع المال، فإن ترك أخا وأختا أو إخوة وأخوات لأب وأم فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين (وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين) وذلك كله إذا لم يكن معهم أحد ممن له سهم معلوم، فإن كان معهم أحد ممن له سهم معلوم بدئ بسهمه فأعطيه، ثم جعل الباقي من المال لهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأجمع أهل العلم على أن الإخوة والأخوات من الأب لا يرثون مع الإخوة والأخوات من الأب والأم شيئا. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات (١) اهـ ثم قال: وأجمع أهل العلم على أن الإخوة والأخوات من الأب يقومون مقام الإخوة والأخوات من الأب والأم ذكورهم كذكورهم وإناثهم كإناثهم، إذا لم يكن للميت إخوة ولا أخوات لأب وأم.
وأجمع أهل العلم على أن لا ميراث للأخوات من الأب إذا استكمل الأخوات من الأب والأم الثلثين إلا أن يكون معهن ذكر فإن كان معهن ذكر كان الفاضل من الأخوات من الأب والأم للإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين إلا في قول ابن مسعود.
وأجمع أهل العلم على أن الإخوة من الأب يرثون ما فضل عن الأخت من الأب والأم، فإن ترك أختين أو أخوات من أب وأم فلهن الثلثان، وما بقي فللإخوة من الأب، فإن ترك أختا لأب وأم، وأختا أو أخوات لأب فللأخت من الأب والأم النصف، وللأخت أو الأخوات من الأب السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللعصبة. اهـ
وروى ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن أبيه قال: وميراث الإخوة من الأم والأب، لا يرثون مع الولد الذكر، ولا مع ولد الابن الذكر، ولا مع الأب شيئا، وهم مع البنات وبنات الأبناء ما لم يترك المتوفى جدا أبا أب يخلفون، ويبدأ بمن كانت له فريضة فيعطون فرائضهم، فإن فضل بعد ذلك فضل كان للإخوة للأم والأب بينهم على كتاب الله، إناثا كانوا أو ذكورا، للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم. فإن لم يترك المتوفى أبا ولا جدا أبا أب، ولا ولدا ولا ولد ابن ذكرا ولا أنثى، فإنه يفرض للأخت الواحدة للأم والأب النصف، فإن كانتا اثنتين فأكثر من ذلك من الأخوات فرض لهن الثلثان، فإن كان معهن أخ ذكر فإنه لا فريضة لأحد من الأخوات، ويبدأ بمن شركهن من أهل الفرائض فيعطون فرائضهم، فما فضل بعد ذلك كان بين الإخوة للأم والأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا في فريضة واحدة فقط لم يفضل لهم منها شيء فأشركوا مع بني أمهم، وهي امرأة توفيت فتركت زوجها وأمها وإخوتها لأمها وإخوتها لأبيها وأمها، فكان لزوجها النصف، ولأمها السدس، ولبني أمها الثلث، فلم يفضل فيشرك بنو الأم والأب في هذه الفريضة مع بني الأم في ثلثهم، فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين؛ من أجل أنهم كانوا كلهم بني أم المتوفى.
قال: وميراث الإخوة للأب إذا لم يكن معهم أحد من بني الأم والأب كميراث الإخوة للأم والأب سواء، ذكورهم كذكرهم، وإناثهم كإناثهم، إلا أنهم لا يشركون مع بني الأم في هذه الفريضة التي شركهم فيها بنو الأم والأب، فإذا اجتمع الإخوة من الأم والأب، والإخوة من الأب، فكان في بني الأب والأم ذكر، فلا ميراث معه لأحد من الإخوة من الأب، فإن لم يكن بنو الأم والأب إلا امرأة واحدة، وكان بنو الأب امرأة واحدة أو أكثر من ذلك من الإناث لا ذكر فيهن، فإنه يفرض للأخت من الأم والأب النصف، ويفرض للأخوات من الأب السدس تتمة الثلثين، فإن كان مع بنات الأب ذكر فلا فريضة لهن، ويبدأ بأهل الفرائض فيعطون فرائضهم، فإن فضل بعد ذلك فضل كان بين بني الأب للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن لم يفضل لهم شيء فلا شيء لهم، وإن كان بنو الأم والأب امرأتين فأكثر من ذلك من الإناث فرض لهن الثلثان، ولا ميراث معهن لبنات الأب، إلا أن يكون معهن ذكر من أب، فإن كان معهن ذكر بدئ بفرائض من كانت له فريضة فأعطوها، فإن فضل بعد ذلك فضل كان بين بني الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن لم يفضل لهم شيء فلا شيء لهم. اهـ صحيح، تقدم.
(١) - يرويه أبو إسحاق عن الحارث عن علي، ولا يثبت. يأتي إن شاء الله في الوصايا.