وقول الله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم)
(١) - قال ابن القيم في الزاد [٤/ ٣٥] الطاعون من حيث اللغة: نوع من الوباء، قاله صاحب الصحاح، وهو عند أهل الطب ورم رديء قتال يخرج معه تلهب شديد مؤلم جدا يتجاوز المقدار في ذلك، ويصير ما حوله في الأكثر أسود أو أخضر، أو أكمد، ويؤول أمره إلى التقرح سريعا. وفي الأكثر، يحدث في ثلاثة مواضع: في الإبط، وخلف الأذن، والأرنبة، وفي اللحوم الرخوة. ثم قال: قال الأطباء: إذا وقع الخراج في اللحوم الرخوة، والمغابن، وخلف الأذن والأرنبة، وكان من جنس فاسد، سمي طاعونا، وسببه دم رديء مائل إلى العفونة والفساد، مستحيل إلى جوهر سمي، يفسد العضو ويغير ما يليه، وربما رشح دما وصديدا، ويؤدي إلى القلب كيفية رديئة، فيحدث القيء والخفقان والغشي، وهذا الاسم وإن كان يعم كل ورم يؤدي إلى القلب كيفية رديئة حتى يصير لذلك قتالا، فإنه يختص به الحادث في اللحم الغددي، لأنه لرداءته لا يقبله من الأعضاء إلا ما كان أضعف بالطبع، وأردؤه ما حدث في الإبط وخلف الأذن لقربهما من الأعضاء التي هي أرأس، وأسلمه الأحمر، ثم الأصفر، والذي إلى السواد، فلا يفلت منه أحد. ولما كان الطاعون يكثر في الوباء، وفي البلاد الوبيئة، عبر عنه بالوباء، كما قال الخليل: الوباء: الطاعون. وقيل: هو كل مرض يعم، والتحقيق أن بين الوباء والطاعون عموما وخصوصا، فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونا، وكذلك الأمراض العامة أعم من الطاعون، فإنه واحد منها، والطواعين خراجات وقروح وأورام رديئة حادثة في المواضع المتقدم ذكرها. قلت: هذه القروح، والأورام، والجراحات، هي آثار الطاعون، وليست نفسه، ولكن الأطباء لما لم تدرك منه إلا الأثر الظاهر، جعلوه نفس الطاعون. والطاعون يعبر به عن ثلاثة أمور: أحدها: هذا الأثر الظاهر، وهو الذي ذكره الأطباء. والثاني: الموت الحادث عنه، وهو المراد بالحديث الصحيح في قوله: الطاعون شهادة لكل مسلم .. والثالث: السبب الفاعل لهذا الداء، وقد ورد في الحديث الصحيح: أنه بقية رجز أرسل على بني إسرائيل، وورد فيه أنه وخز الجن. وجاء أنه دعوة نبي. الخ.