• مالك [١٥٠٦] عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول: لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح ثم كوم كومة بطحاء ثم طرح عليها رداءه واستلقى ثم مد يديه إلى السماء فقال: اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط. ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال: أيها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا وضرب بإحدى يديه على الأخرى. ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها (الشيخ والشيخة فارجموهما البتة) فإنا قد قرأناها. قال يحيى بن سعيد قال سعيد بن المسيب: فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رحمه الله. قال يحيى سمعت مالكا يقول قوله (الشيخ والشيخة) يعني الثيب والثيبة فارجموهما البتة. اهـ ورواه ابن عيينة ويزيد بن هارون وعبد المجيد الثقفي عن يحيى مختصرا. صحيح.
وقال ابن أبي شيبة [٢٩٣٧٤] حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا داود عن سعيد بن المسيب عن عمر قال: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجم أبو بكر ورجمت. البيهقي [١٧٣٧٦] من طريق علي بن إبراهيم الواسطي حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب قال قال عمر رضي الله عنه: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجم أبو بكر ورجمت، ولولا أني أكره أن أزيد في كتاب الله لكتبته في المصحف فإني أخاف أن يأتي أقوام فلا يجدونه فلا يؤمنون به. اهـ
وقال ابن أبي شيبة [٢٩٣٧٥] حدثنا ابن إدريس عن أشعث عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: قال عمر: الرجم حد من حدود الله فلا تخدعوا عنه، وآية ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ورجم أبو بكر ورجمت أنا. عبد الرزاق [١٣٣٦٤] عن معمر عن ابن جدعان عن يوسف بن مهران أنه سمع ابن عباس يقول أمر عمر بن الخطاب مناديا فنادى أن الصلاة جامعة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس لا تخدعن عن آية الرجم فإنها قد نزلت في كتاب الله عز وجل وقرأناها ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد صلى الله عليه وسلم وآية ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قد رجم وأن أبا بكر قد رجم ورجمت بعدهما وإنه سيجيء قوم من هذه الأمة يكذبون بالرجم ويكذبون بطلوع الشمس من مغربها ويكذبون بالشفاعة ويكذبون بالحوض ويكذبون بالدجال ويكذبون بعذاب القبر ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعد ما أدخلوها. اهـ ضعيف.
وقال ابن أبي شيبة [٢٩٣٧١] حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال: قال عمر: قد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول القائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق، إذا أحصن الرجل، أو قامت البينة، أو كان حمل، أو اعتراف، وقد قرأتها (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده. قيل لسفيان: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. اهـ
وقال البخاري [٦٣٢٨] حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا، فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت. فغضب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم. قال عبد الرحمن فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها. فقال عمر: أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.
قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف فأنكر علي وقال ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي، إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف. ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم وقولوا عبد الله ورسوله.
ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرها وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا، وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نريدهم فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم. فقلت: والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عبادة. فقلت: ما له؟ قالوا: يوعك. فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر. فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت.
فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم أكره مما قال غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر. اللهم إلا أن تسول إلي نفسي عند الموت شيئا لا أجده الآن. فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش. فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده، فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة. فقلت: قتل الله سعد بن عبادة. قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا فإما بايعناهم على ما لا نرضى وإما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا. اهـ
وروى عبد الرزاق [١٣٣٦٣] عن الثوري عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال قال لي أبي بن كعب: كأين تقرؤون سورة الاحزاب قال قلت إما ثلاثا وسبعين وإما أربعا وسبعين قال أقط إن كانت لتقارب سورة البقرة أو لهي أطول منها وإن كانت فيها آية الرجم قال قلت أبا المنذر وما آية الرجم قال إذا زنيا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم قال الثوري وبلغنا أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقرؤون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القرآن. اهـ البيهقي [١٧٣٦٥] من طريق سعيد بن منصور حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال قال لي أبي بن كعب رضي الله عنه: كأين تعد أو كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاثا وسبعين آية. قال: أقط لقد رأيتها وإنها لتعدل سورة البقرة وإن فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم. اهـ ورواه عبد الله في زوائد المسند وغيره، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي.
وقال أحمد [٢١٥٩٦] حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن كثير بن الصلت قال: كان سعيد بن العاص وزيد بن ثابت يكتبان المصاحف، فمروا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، فقال عمر: لما أنزلت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبنيها، قال شعبة: ، فكأنه كره ذلك، فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا لم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم. اهـ صححه الحاكم والذهبي. وهذا مما نسخت تلاوته، وأحكمت سنته، وهذا إجماع.