• أحمد [٦٠٧٣] حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن منصور عن سعد بن عبيدة قال: كنت جالسا عند عبد الله بن عمر فجئت سعيد بن المسيب وتركت عنده رجلا من كندة فجاء الكندي مروعا فقلت ما وراءك قال جاء رجل إلى عبد الله بن عمر آنفا فقال: أحلف بالكعبة؟ فقال: احلف برب الكعبة، فإن عمر كان يحلف بأبيه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحلف بأبيك فإنه من حلف بغير الله فقد أشرك (١) اهـ حسنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي.
وقال ابن أبي شيبة [١٢٤١٢] حدثنا وكيع عن الأعمش عن سعد بن عبيدة قال: كنا مع ابن عمر في حلقة، فسمع رجلا يقول: لا وأبي، فرماه بالحصى، وقال: إنها كانت يمين عمر، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عنها، وقال: إنها شرك. اهـ ضعيف.
(١) - وقال الترمذي تحته: وفسر هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله فقد كفر أو أشرك على التغليظ، والحجة في ذلك حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع عمر يقول وأبي فقال: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم وحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله. قال: هذا مثل ما روي عن صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الرياء شرك، وقد فسر بعض أهل العلم هذه الآية (من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا) الآية قال لا يرائي. اهـ وقال ابن المنذر في الأوسط [١٢/ ١٤٧] وقد اختلف أهل العلم في معاني بعض هذه الأخبار، فكان إسحاق يقول يعني قوله: "من حلف بغير الله فقد كفر" فيما نرى والله أعلم أن يكون أراد به على الرغبة في اليمين بغيره، فذلك كفر، إذا رغب عن اليمين بالله. ويمكن فيه معنى آخر، وذلك أن يرى الحالف بغير الله إن ذلك أحرى أن لا يتقدم الحالف عليه إذا كان طلاقا أو عتقا فيستحلف بعضهم بعضا لهذا المعنى. ولقد فسر ابن المبارك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فقد كفر" أنه أراد به التغليظ وليس بالكفر، كما روي عن ابن عباس في قوله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) إنهم به كفرة، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله. وكذلك قال عطاء: كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم. ومن ذلك ما حكي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" .. أي أنه كفر بما أمر به، أنه لا يقتل بعضهم بعضا. وقال غير إسحاق: كان الناس في الجاهلية يعيذون من دون الله أشياء فيحلفون بأسمائها تعظيما لها كاللات والعزى، وكانوا يعظمون آباءهم، ويعظمون الكعبة فيحلفون بها، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخلقوا بأخلاق أهل الجاهلية ويتشبهوا بهم، وسمى ذلك كفرا إذ كان شبيها بأفعال أهل الكفر، لا أنه كفر بالله على الحقيقة. ثم قال: وقد اختلف أهل العلم في معنى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اليمين بغير الله أهو عام في الأيمان كلها، أم خاص أريد بذلك بعض الأيمان دون بعض. فقالت طائفة: الأيمان المنهي عنها هي الأيمان التي كان أهل الجاهلية يحلفون بها تعظيما منهم لغير الله، كاليمين التي كان أهل الجاهلية يحلفون بها تعظيما منهم لغير الله، كاليمين باللات والعزى والآباء والكعبة والمسيح وبهذه الشرك فهذه الأيمان المنهي عنها أن يحلف بها المرء ولا كفارة فيها، فأما ما كان من الأيمان بما يؤول الأمر فيه إلى تعظيم الله فهي غير تلك، وذلك كقول الرجل: وحق النبي صلى الله عليه وسلم، وحق الإسلام، وكاليمين بالحج والعمرة، والصدقة والعتق وما أشبه ذلك وكل ذلك من حقوق الله، ومن تعظيم الله. اهـ