• ابن المبارك [١٠١] عن الأسود بن شيبان السدوسي عن أبي نوفل بن أبي عقرب قال: خرج الحارث بن هشام من مكة، فجزع أهل مكة جزعا شديدا، فلم يبق أحد يطعم إلا خرج يشيعه، حتى إذا كان بأعلى البطحاء أو حيث شاء الله من ذلك، وقف ووقف الناس حوله يبكون، فلما رأى جزع الناس قال: يا أيها الناس، إني والله ما خرجت رغبة بنفسي عن أنفسكم، ولا اختيار بلد عن بلدكم، ولكن كان هذا الأمر فخرجت فيه رجال من قريش، والله ما كانوا من ذوي أنسابها، ولا في بيوتاتها، فأصبحنا والله لو أن جبال مكة ذهب فأنفقناها في سبيل الله ما أدركنا يوما من أيامهم، وايم الله لئن فاتونا به في الدنيا لنلتمسن أن نشاركهم في الآخرة، فاتقى الله امرؤ خرج غازيا. فتوجه غازيا إلى الشام، وأتبعه ثقله، فأصيب شهيدا. مرسل جيد. والحارث من مسلمة الفتح رحمه الله.
وقال سعيد بن منصور [٢٣١٧] حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن الحسن بن محمد قال: جاء الفتحيون سهيل بن عمرو والحارث بن هشام وحويطب بن عبد العزى يستأذنون على عمر رضي الله عنه فأخر في إذنهم، فقال الحارث: دعي القوم ودعيتم فأبطأتم، فلما دخلوا على عمر قالوا: يا أمير المؤمنين ما لنا عندك إلا ما نرى؟ قال: نعم، ليس إلا ما ترون. قالوا: فإنا نطلب ما هو أرفع من هذا. فغزوا في سبيل الله حتى ماتوا. اهـ مرسل جيد.
وروى ابن المبارك [١٠٠] عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول: لما حضر الناس باب عمر، وفيهم سهيل بن عمرو وأبو سفيان بن حرب وتلك الشيوخ من قريش، فخرج آذنه، فجعل يأذن لأهل بدر، لصهيب وبلال وأهل بدر، وكان والله بدريا، وكان يحبهم، وكان قد أوصى بهم، فقال أبو سفيان: ما رأيت كاليوم قط، إنه يؤذن لهذه العبيد ونحن جلوس لا يلتفت إلينا. فقال سهيل بن عمرو ويا له من رجل، ما كان أعقله: أيها القوم، إني والله لقد أرى الذي في وجوهكم فإن كنتم غضابا، فاغضبوا على أنفسكم دعي القوم ودعيتم، فأسرعوا وأبطأتم، أما والله لما سبقوكم به من الفضل فيما لا ترون أشد عليكم فوتا من بابكم هذا الذي تنافسونهم عليه، ثم قال: أيها القوم، إن هؤلاء القوم قد سبقوكم بما ترون، فلا سبيل لكم والله إلى ما سبقوكم إليه، وانظروا هذا الجهاد فالزموه عسى أن يرزقكم شهادة. ثم نفض ثوبه، فلحق بالشام. فقال الحسن: صدق والله، لا يجعل الله عبدا أسرع إليه كعبد أبطأ عنه. اهـ مرسل جيد.