للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• البخاري [٥٧٧٠] حدثني عبد الله بن محمد حدثنا هشام بن يوسف أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا صفر، ولا هامة. فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال الإبل، تكون في الرمل كأنها الظباء، فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن أعدى الأول. وعن أبي سلمة: سمع أبا هريرة بعد يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يوردن ممرض على مصح (١). وأنكر أبو هريرة حديث الأول، قلنا: ألم تحدث أنه لا عدوى؟ فرطن بالحبشية، قال أبو سلمة: فما رأيته نسي حديثا غيره. مسلم [٢٢٢١] وحدثني أبو الطاهر وحرملة وتقاربا في اللفظ قالا: أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى. ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يورد ممرض على مصح.

قال أبو سلمة: كان أبو هريرة يحدثهما كلتيهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صمت أبو هريرة بعد ذلك عن قوله لا عدوى، وأقام على أن لا يورد ممرض على مصح. قال: فقال الحارث بن أبي ذباب وهو ابن عم أبي هريرة: قد كنت أسمعك يا أبا هريرة تحدثنا مع هذا الحديث حديثا آخر، قد سكتّ عنه، كنت تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى. فأبى أبو هريرة أن يعرف ذلك، وقال: لا يورد ممرض على مصح. فماراه الحارث في ذلك حتى غضب أبو هريرة فرطن بالحبشية، فقال للحارث: أتدري ماذا قلت؟ قال: لا، قال أبو هريرة: قلت أبيت. قال أبو سلمة: ولعمري لقد كان أبو هريرة يحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى. فلا أدري أنسي أبو هريرة، أو نسخ أحد القولين الآخر؟ اهـ


(١) - قال أبو عبيد في الغريب [٢/ ١٥]: وقد كان بعض الناس يحمل هذا الحديث على أن النهى فيه للمخافة على الصحيحة من ذات العاهة أن تعديها. وهذا شر ما حمل عليه الحديث، لأنه رخصة فى التَّطير، وكيف ينهى النّبى صلى الله عليه وسلم عن هذه للتّطيّر، وهو يقول: "الطيرةُ شركُ". ويقول: "لا عدوى، ولا هامة" في آثارٍ عنه كثيرِة. قال: ولكن وجهه عندي والله أعلم أنه خاف أن ينزل بهذا الصحاح من أمر الله ما نزل بتلك، فيظنّ المصحّ أن تلك أعدتها، فيأثم في ذلك؛ ألّا تراه يقول في حديث آخر، وقال له أعرابي: النّقبة تكون بمشفر البعير، فتجرب له الإبل كلها. قال: فما أعدى الأوّل؟. فهذا مفسّر لذاك الحديث. قال: وقد بلغني عن مالك في حديث له رواه في هذا. فقالوا: ما ذاك يا رسول الله؟ قال: إنّه أذى. قال أبو عبيد: ومعنى الأذى عندي المأثم أيضًا لما ظنّ من العدوى. اهـ