• أحمد [٢٠٨٠٦] حدثنا يزيد بن هارون أنا أسود بن شيبان عن خالد بن سمير عن بشير بن نهيك عن بشير بن الخصاصية بشير رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بيده فقال لي يا ابن الخصاصية ما أصبحت تنقم على الله تبارك وتعالى أصبحت تماشي رسوله قال أحسبه قال آخذا بيده قال قلت ما أصبحت أنقم على الله شيئا قد أعطاني الله تبارك وتعالى كل خير قال فأتينا على قبور المشركين فقال لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا ثلاث مرات ثم أتينا على قبور المسلمين فقال لقد أدرك هؤلاء خيرا كثيرا ثلاث مرات يقولها قال فبصر برجل يمشي بين المقابر في نعليه فقال: ويحك يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتك مرتين أو ثلاثا فنظر الرجل فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلع نعليه. اهـ رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم.
قلت: جاء الحديث وليس عليه عمل الصحابة (١)، وما هو بسنة.
وقد روى مسلم [١٦١٩] عن عائشة قالت: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: بلى قال قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت. فأخذ رداءه رويدا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويدا فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات ثم انحرف. الحديث.
وقال البخاري [١٢٥٢] حدثنا عياش حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد قال وقال لي خليفة حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا. وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين. اهـ
ومن تأمل الآثار عرف أن هذا ليس سنة. وكيف يكون من سنته ولا يأمر به غيرَ الذي اتفق أن رآه في خبر البشير، وعامة أصحابه يحتاجونه؟ ولم يزل رسول الله يَدفن وأصحابُه معه وبعده، ويزورون القبور، ويُؤمرون بزيارتها .. ثم لا يفعلون ذلك ولا يأمرون.
ولم يذكر بشير بن الخصاصية في هذا الخبر أنه كان خالعا نعله هو ورسول الله، بل قال الطبراني في الكبير [١٢٣٦] حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي وعبيد العجلي قالا ثنا الصلت بن مسعود الجحدري ثنا عقبة بن المغيرة الشيباني ثنا إسحاق بن أبي إسحاق الشيباني عن أبيه عن بشير بن الخصاصية قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فلحقته بالبقيع فسمعته يقول: السلام على أهل الديار من المؤمنين. وانقطع شسعي فقال لي: أنعش قدمك. قلت: يا رسول الله طالت عزوبتي ونأيت عن دار قومي قال: يا بشير ألا تحمد الذي أخذ بناصيتك من بين ربيعة قوم ويرون لولاهم انكفت الأرض بمن عليها. اهـ إسحاق بن سليمان بن أبي سليمان الشيباني. هذا إسناد جيد متصل.
فما بمثل ذلك الخبر تقوم سنة، وإنما له وجه آخر.
وقد روى سعيد الجريري عن عبد الله بن بريدة أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر فرآه شعثا فقال: مالي أراك شعثا وأنت أمير البلد؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه. ورآه حافيا فقال: مالي أراك حافيا؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نحتفي أحيانا. اهـ رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني وشعيب. فيشبه أن يكون رسول الله آنس من الرجل زهوا فأمره بالانكسار. والله أعلم.
(١) - ابن أبي شيبة [١٢٢٧٠] حدثنا أبو داود الطيالسي عن جرير بن حازم قال: رأيت الحسن وابن سيرين يمشيان بين القبور في نعالهما. اهـ ولم يثبت عن نفس من الصحابة والتابعين خلاف لهذا.