• ابن سعد [٥٤٣٥] أخبرنا أحمد بن محمد بن أيوب قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال حدثني بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن مسعود قال: لما نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة، وأصابه بها قدره ولم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه، فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني وضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمر بكم، فقولوا: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعينونا على دفنه فلما مات فعلا ذلك ثم وضعاه على قارعة الطريق، وأقبل عبد الله بن مسعود في رهط من أهل العراق عمارا فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل أن تطأها فقام إليه الغلام فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا على دفنه فاستهل عبد الله يبكي ويقول صدق رسول الله تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك ثم نزل هو وأصحابه فواروه ثم حدثهم عبد الله بن مسعود حديثه وما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى تبوك. اهـ رواه الحاكم وصححه وقال الذهبي: فيه إرسال. وقال ابن سعد [٥٤٣٣] أخبرنا عفان بن مسلم قال حدثنا وهيب بن خالد قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن مجاهد عن إبراهيم يعني ابن الأشتر أن أبا ذر حضره الموت وهو بالربذة فبكت امرأته، فقال: وما يبكيك؟ فقالت: أبكي أنه لا يد لي بتغييبك، وليس عندي ثوب يسعك كفنا. فقال: لا تبكي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر يقول: ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين قال: فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، فلم يبق منهم غيري، وقد أصبحت بالفلاة أموت، فراقبي الطريق فإنك سوف ترين ما أقول لك، فإني والله ما كذبت ولا كذبت، قالت: وأنى ذلك وقد انقطع الحاج؟ قال: راقبي الطريق، فبينا هي كذلك إذا هي بالقوم تجد بهم رواحلهم كأنهم الرخم.
قال عفان: هكذا قال: تجد بهم، والصواب: تخد بهم رواحلهم، فأقبل القوم حتى وقفوا عليها، قالوا: ما لك؟ قالت: امرؤ من المسلمين تكفنونه وتؤجرون فيه، قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذر، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم، ووضعوا سياطهم في نحورها يبتدرونه. فقال: أبشروا أنتم النفر الذين قال فيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، أبشروا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرأين من المسلمين هلك بينهما ولدان أو ثلاثة، فاحتسباه وصبرا، فيريان النار أبدا. ثم قال: قد أصبحت اليوم حيث ترون، ولو أن ثوبا من ثيابي يسعني لم أكفن إلا فيه، أنشدكم الله ألا يكفني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا. فكل القوم كان نال من ذلك شيئا إلا فتى من الأنصار كان مع القوم، قال: أنا صاحبك ثوبان في عيبتي من غزل أمي وأحد ثوبي هذين اللذين علي قال: أنت صاحبي فكفني. اهـ ثم قال أخبرنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال حدثنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه نحوه. ثقات. إبراهيم بن الأشتر مترجم في السير قال كان شيعيا فاضلا. واسم الأشتر مالك بن الحارث.