للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

داره، وتراخي مزاره، فتارة يسمعه ويحركه، وتارة ينقطع دونه ولا يدركه، وقد كان من أمير المسلمين بموضع، ومن رأيه الجميل بمرأى ومسمع، ولكن أبطأ به عن نصره تنائي الدار، ونفوذ المقدار، وإذا قدر الله أمرا فتح أبوابه، ويسر أسبابه، فتم للطاغية رذريق -[قصمه الله]- مراده الذميم من دخول بلنسية سنة ثمان وثمانين على وجه من وجوه غدره، وبعد إذعان من القاضي [ابن جحاف] المذكور ألجأه بسطوة كفره، ودخوله طائعا في أمره، على وسائل اتخذها، وعهود ومواثيق - بزعمه - أخذها، لم يمتد لها أمد، ولا كثر لأيامها عدد، وبقي معه مديدة يضجر من صحبته، ويلتمس السبيل إلى نكبته، حتى أمكنته - زعموا - بسبب ذخيرة نفيسة من ذخائر ابن ذي النون، كان رذريق لأول دخوله قد سأله عنها، واستحلفه بمحضر جماعة من أهل الملتين على البراءة منها، فأقسم بالله جهد أيمانه، غافلا عما في الغيب من بلائه وامتحانه، وجعل رذريق بينه وبين القاضي المذكور عهدا أحضره الطائفتين، وأشهد عليه أعلام الملتين، إن هو انتهى [بعد] إليها، وعثر [عنده] عليها، ليستحلن إخفار ذممه، وسفك دمه، فلم ينشب رذريق أن ظهر على الذخيرة المذكورة لديه، لما كان قد قدر الله من إجراء محنته على يديه، ولعلها كانت منه حيلة أدارها

<<  <  ج: ص:  >  >>