للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وداهية من دواهيه سداها وأنارها، فأنحى على أمواله بالنهاب، وعليه وعلى أهله وولده بالعذاب، حتى بلغ جهده، ويئس مما عنده، فأضرم له نارا أتلفت ذماءه، وحرقت أشلاءه.

حدثني من رآه في ذلك المقام، وقد حفر له حفير إلى رفغيه، وأضرمت النار حواليه، وهو يضم ما بعد من الحطب بيديه، ليكون أسرع لذهابه، وأقصر لمدة عذابه، كتبها الله له في صحيفة حسناته، ومحا عنه بها سالف سيئاته، وكفانا بعد أليم نقماته، ويسرنا [٢٤ب] إلى ما يزلف إلى مرضاته.

وهم [الطاغية] يومئذ - لعنه الله - بتحريق زوجه وبناته، فكلمه فيهن بعض طغاته، فبعد لأي ما لفته عن رائه، وتخلصهن من يدي نكرائه، وأضرم هذا المصاب الجليل يومئذ أقطار الجزيرة نارا، وجلل سائر طبقاتها خزيا وعارا؛ وغلظ أمر ذلك الطاغية حتى فدح التهائم والنجود، وأخاف القريب والبعيد. حدثني من سمعه يقول، وقد قوي طمعه، ولج به جشعه: على رذريق فتحت هذه الجزيرة، ورذريق يستنقذها - كلمة ملأت الصدور، وخيلت وقوع المخوف والمحذور.

وكان هذا البائقة وقته في درب شهامته، واجتماع حزامته، وتناهي

<<  <  ج: ص:  >  >>