للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد ذكر الذهبي خلاف العلماء في المسألة، ثم رجّح التوقف فيها، وقال: «فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فإثبات ذلك أو نفيه صعبٌ، والوقوف سبيل السلامة، والله أعلم، وإذا ثبت شيء قلنا به، ولا نعنّف من أثبت الرؤية لنبينا في الدنيا، ولا من نفاها، بل نقول: الله ورسولُه أعلم، بلى نعنّف ونبدِّع من أنكر الرؤية في الآخرة، إذ رؤية الله في الآخرة ثبتت بنصوص متوفرة» (١).

الشاهد الثالث: مسألة إثبات الحدّ لله عز وجل.

فعندما ذكر الذهبي اختلاف العلماء في مسألة إثبات الحدّ لله عز وجل، قال: «الخوض في ذلك مما لم يأذن به الله، ولا أتى نصٌّ بإثبات ذلك ولا بنفيه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وتعالى الله أن يُحدّ أو يُوصف إلا بما وصف به نفسه أو علّمه رسله بالمعنى الذي أراد بلا مثل ولا كيف، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]» (٢).


(١) سير أعلام النبلاء ١٠/ ١١٤.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٦/ ٩٧.
والمعروف عند أهل السنة: أن "الحدّ" لفظ حادث، لم يرد في الكتاب أو السنة، وليس لنا أن نصف الله بما لم يصف به نفسه، ولا وصفه به رسوله، لا نفياً ولا إثباتاً، هذا بالنسبة للفظ، أما بالنسبة للمعنى، فالواجب أن نستفصل عن المقصود بإثبات الحد لله؟ فإن كان المقصود أن الله عز وجل متميز عن خلقه، منفصل عنهم، مباين لهم، غير حالّ فيهم، فهذا حق، وهو ثابت لله بهذا المعنى، وأما إن كان المقصود: أن العرش محيط بالله عز وجل، ويراد بنفي الحدّ نفي استواء الله على عرشه، فهذا باطل. ينظر شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ١/ ١٩٠.

<<  <   >  >>