للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل التاسع عشر توقيره للنبي -صلى الله عليه وسلم- بين الغلو والجفاء]

للذهبي كلام نفيس في مسألة وجوب توقير النبي -صلى الله عليه وسلم- في حدود المسموح به شرعاً، فلا غلو ولا جفاء، ولا إفراط ولا تفريط، يقول رحمه الله: «لو روى الشخص حديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُحِرَ، وحاول بذلك تنقصاً كفر وتزندق، وكذا لو روى حديث أنه: سلَّم من اثنتين، وقال: ما درى كم صلى! يقصد بقوله شينه ونحو ذلك كفر، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فالغلو والإطراء منهي عنه، والأدب والتوقير واجب، فإذا اشتبه الإطراء بالتوقير توقف العالم وتورع، وسأل من هو أعلم منه حتى يتبين له الحق، فيقول به، وإلا فالسكوت واسع له، ويكفيه التوقير المنصوص عليه في أحاديث لا تحصى، وكذا يكفيه مجانبة الغلو الذي ارتكبه النصارى في عيسى، ما رضوا له بالنبوة حتى رفعوه إلى الإلهية وإلى الوالدية، وانتهكوا رتبة الربوبية الصمدية، فضلوا وخسروا، فإن إطراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يؤدى إلى إساءة الأدب على الرب، نسأل الله تعالى أن يعصمنا بالتقوى، وأن يحفظ علينا حبنا للنبي -صلى الله عليه وسلم- كما يرضى» (١).


(١) ميزان الاعتدال ٢/ ٦٤٩.

<<  <   >  >>