إِسْمَاعُيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ
سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ الْمَنْصُورَ يُنَازِلُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي أَمْرِ الْقَضَاءِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِمَأْمُونِ الرِّضَا، فَكَيْفَ أَكُونِ بِمَأْمُونِ الْغَضَبِ؟ فَلا أَصْلُحُ لِذَلِكَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ أَنْتَ تَصْلُحُ، قَالَ: وَكَيْفَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تُوَلِّيَ مَنْ يَكْذِبُ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: وَقِيلَ إِنَّهُ وَلِيَ الْقَضَاءَ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَأْتِهِ فِيهِمَا أَحَدٌ، وَقَضَى فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ اشْتَكَى سِتَّةَ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ الْفَقِيهُ بِسَنَدٍ لَهُ: لَمْ يَقْبَلْ أَبُو حَنِيفَةَ الْعَهْدَ بِالْقَضَاءِ، فَضُرِبَ مِائَةَ سَوْطٍ وَحُبِسَ، وَمَاتَ فِي السِّجْنِ، كَذَا قَالَ، وَقِيلَ: حُمِلَتْ إِلَيْهِ عَشْرَةُ آلافٍ، فَوُضِعَتْ لَهُ فِي الدَّارِ، فَاغْتَمَّ وَلَمْ يَنْطِقْ وَمَكَثَتْ تِلْكَ الْبَدْرَةُ فِي مَكَانِهَا، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ، حَمَلَهَا وَلَدُهُ حَمَّادٌ إِلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ قُحْطُبَةَ، فَقَالَ: هَذِهِ وَدِيعَتُكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ، وَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ! لَقَدْ شَحَّ عَلَى دِينِهِ إِذْ شَحَّتْ بِهِ أَنْفُسُ أَقْوَامٍ.
وَيُرْوَى أَنَّ ابْنَ هُبَيْرَةَ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَلَفَ أَنَّهُ لا يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ، فَقَالَ: يُعَارِضُ يَمِينِي بِيَمِينِهِ؟ ! فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عِشْرِينَ سَوْطًا عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: اذْكُرْ مَقَامَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَذَّلُ مِنْ مَقَامِي بَيْنَ يَدَيْكَ، فَلا تَهْدِرْ دَمِي فَإِنِّي، أَقُولُ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَأَوْمَأَ إِلَى الجَّلادِ أَمْسِكْ، فَأَصْبَحَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي السِّجْنِ وَقَدِ انْتَفَخَ رَأْسُهُ وَوَجْهُهُ مِنَ الضَّرْبِ، قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute