للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَجَعَلَ الْقَاضِي يَنْظُرُ إِلَيْهِمَا لا يَعْرِفُ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَقَالَ لِلْقَيِّمِ: أَخِّرْهُمَا، ثُمَّ صَاحَتَا وَاوَيْحَتَا! فَقَالَ لِلْقَيِّمِ: اذْهَبْ فَاشْتَرِ لَهُمَا جَرَّتَيْنِ وَأَرْضِ كُلًا مِنْهُمَا، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ، قَالَ لِرَجُلٍ كَانَ يَأْنَسُ بِهِ: مَاذَا يَقُولُ النَّاسُ وَيَخُوضُونَ فِيهِ مِنْ أَمْرِنَا؟ قَالَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْقَاضِي لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَحْكُمَ فِي جَرَّتَيْنِ حَتَّى غَرِمَهُمَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَفَلا يَرْضَوْنَ مِنِّي أَنْ أَحْكُمَ فِيمَا أُحْسِنُ، وَأَغْرَمَ فِيمَا لا أُحْسِنُ؟ ! قَالَ أَبُو يُوسُفَ: فَقُلْتُ: يَا أمير الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا رَجُلٌ عَاقِلٌ فَزِدْ فِي أَرْزَاقِهِ لِلْغَرَامَاتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَقُلْنَا لأَبِي يُوسُفَ: كَيْفَ جَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ قَالَ: إِنْ كَانَتَا وَضَعَتَا الْجَرَّتَيْنِ فِي مُسْتَرَاحٍ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَاعِلَةٌ جَرَّتَهَا فِي حَقِّهَا غَيْرَ جَانِيَةٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قِيمَةُ جَرَّةِ صَاحِبَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا فِي مُسْتَرَاحٍ وَالأُخْرَى فِي غَيْرِ مُسْتَرَاحٍ، فَالَّتِي فِي غَيْرِ الْمُسْتَرَاحِ جَانِيَةٌ عَلَى صَاحِبَتِهَا "

بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «مَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِمْيَاءِ أَفْلَسَ، وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلامِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ غَرِيبَ الْحَدِيثَ كَذِبَ»

مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الْجُوزْجَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: " دَخَلْتُ عَلَى الرَّشِيدِ وَفِي يَدَيْهِ دُرَّتَانِ يُقُلِّبُهُمَا، فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ، هَلْ رَأَيْتَ أَحْسَنَ مِنْ هَاتَيْنِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: الْوِعَاءَ الَّذِي هُمَا فِيهِ، قَالَ: فَرَمَى بِهِمَا إِلَيَّ، وَقَالَ: شَأْنُكَ بِهِمَا، فَأَخَذْتُهُمَا وَقُمْتُ "

<<  <   >  >>