من الإسرائيليات ما ذكره بعض المفسرين عند الآية وهي قول الله -جل وعلا-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ}(الرعد: ٢٩)، أورد ابن جرير بسنده وغيره عن وهب، قال: إن في الجنة شجرة يقال لها: طُوبى، يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، زهرتها رياط، وورقها برود، وقضبانها عنبر، وبطحاؤها ياقوت، وترابها كافور، ووحلها مسك، يخرج من أصلها أنهار الخمر واللبن والعسل، وهي مجلس لأهل الجنة، فبينما هم في مجلسهم؛ إذ أتتهم ملائكة من ربهم، يقودون نجبًا مزمومةً -النجب أي: الإبل الكرام- بسلاسل من ذهب، وجوهها كالمصابيح حسنًا، ووبرها كخز المرعزي من لينه -الخز الحرير- عليها رحال، ألواحها من ياقوت، دفوفها من ذهب، وثيابها من سندس وإستبرق، فيفتحونها، يقولون: إن ربنا أرسلنا إليكم لتزوروه، وتسلموا عليه، قال: فيركبونها، فهي أسرع من الطائر، وأوطأ من الفراش، نُجبًا من غير مهنة، يسير الرجل إلى جنب أخيه، وهو يكلمه ويناجيه لا تصيب أذن راحلة منها أذن الأخرى، ولا برك راحلة برك الأخرى -أي: الصدر- حتى إن الشجرة لتتنحى عن طريقهم؛ لئلا تفرق بين الرجل وأخيه.
قال: فيأتون إلى الرحمن الرحيم، فيُسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه، فإذا رأوه، قالوا: اللهم أنت السلام ومنك السلام، وحق لك الجلال والإكرام، قال: فيقول الله تعالى عند ذلك: أنا السلام ومني السلام وعليكم السلام، حقت رحمتي ومحبتي، مرحبًا بعبادي الذين خشوني بغيب وأطاعوا أمري، قال: فيقولون: ربنا لم نعبدك حق عبادتك، ولم نقدرك حق قدرك، فأذن لنا في السجود قدامك، قال: فيقول الله: إنها ليست بدار نَصَب ولا عبادة، ولكنها دار ملك ونعيم، وإني قد رفعت عنكم نصب العبادة، فسلوني ما شئتم، فإن لكل رجل منكم أمنية، فيسألونه حتى إن أقصرهم أمنية ليقول: ربي تنافس