قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " فوالذي نفس محمد بيده، إن دوابّ الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرًا من لحومهم "، هذا من أثر أنهم يأكلون منه م، هذا الحديث على كل حال، أورده صاحب (الدر المنثور) الإمام السيوطي، ومهما كان سند مثل هذا، فهو من الإسرائيليات عن كعب وأمثاله، وقد يكون رفعها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- غلطًا وخطأً من بعض الرواة، أو كيدًا يكيد به الزنادقة اليهود للإسلام، وإظهار رسوله -صلى الله عليه وسلم- بمظهر من يروي ما يخالف القرآن، فالقرآن قد نص بما لا يحتمل الشك على أنهم لم يستطيعوا أن يعلوا السد، الآيات واضحة:{فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا}(الكهف: ٩٧)، فهم لم يستطيعوا أن يعلوا السد، ولا أن ينقبوه كما جاء في الآية السابعة والتسعين.
وإليك ما ذكره في هذا الإمام الحافظ ابن كثير وهو ناقد بصير، يقول ابن كثير في ت فسيره بعد أن ذكر من روى هذا الحديث، قال: وأخرجه الترمذي من حديث أبي عوانة عن قتادة، ثم قال: غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه، وإسناده جيد قوي، ولكن متنه في رفعه نكارة؛ لأن ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه، ولا من نقبه، لإحكام بنائه وصلابته وشدَّته، ولكن هذا قد رُوي عن كعب الأحبار أنهم قبل خروجهم يأتونه فيلحسونه، حتى لا يبقى منه إلا القليل، فيقولون: غدًا نفتحه، فيأتون من الغد وقد عاد كما كان فيلحسونه، حتى لا يبقى منه إلا القليل، فيقولون كذلك فيصبحون وهو كما كان، فيلحسونه ويقولون: غدًا نفتحه، ويُلهمون أن يقولوا: إن شاء الله، فيصبحون وهو كما فارقوه فيفتحونه، وهذا متجه، ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب فإنه كثيرًا ما كان يجالسه ويُحدّثه، فحدث به أبو هريرة، فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع، فر ف عوه، والله أعلم. هذا مذكور في (تفسير ابن كثير).