يوسف لا تكن كالطير له ريش، فإذا زنا قعد ليس له ريش. ورووا مثل هذا عن علي -رضي الله عنه- وعن مجاهد وعن سعيد بن جبير، معاذ الله.
ورَوَوْا أيضًا في البرهان الذي رآه، ولولاه لوقع في الفاحشة بأنه نُودي أنت مكتوب في الأنبياء، وتعمل عمل السفهاء، وقيل: رأى صورة أبيه يعقوب في الحائط، وقيل: في سقف الحجرة، وأنه رآه عاض ًّا على إبهامه، وأنه لم يتعظ بالنداء حتى رأى أباه على هذه الحال.
بل أسرف واضع وهذه الإسرائيليات الباطلة؛ فزعموا أنه لمَّا لم يرعوِ من رؤية صورة أبيه عاضًّا على أصابعه ضربه أبوه يعقوب، فخرجت شهوته من أنامله، ولأجل أن يؤيِّد هؤلاء الذين افتروا على الله ونبيه يوسف هذا الافتراء يزعمون أيضًا أن كل أبناء يعقوب قد وُلد له اثنا عشر ولدًا ما عدا يوسف، فإنه نقص بتلك الشهوة التي خرجت من أنامله ولدًا فلم يولد له غير أحد عشر ولدًا.
بل زعموا أيضًا في تفسير البرهان فيما روي عن ابن عباس أنه رأى ثلاث آيات من كتاب الله؛ وهي قوله - تعالى -: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ}(الانفطار: ١٠، ١١)، وقوله - تعالى -: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيه}(يونس: ٦١)، وقوله - تعالى -: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}(الرعد: ٣٣).
ومن البديهي أن هذه الآيات بهذا اللفظ العربي لم تنزل على أحد قبل نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم، وإن كان الذين افتروا هذا ل ايعدمون جوابًا بأن يقولوا: رأى ما يدل على معاني هذه الآيات بلغتهم التي يعرفونها.
بل قيل في البرهان: إنه أُرِي تمثال الملك وهو العزيز، وقيل: خياله.