للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شجرة غصونها متشعبة بعضها في بعض، وكان له ثمر تأكله الملائكة لخلدهم. هذا كلام انظر إليه؛ الملائكة لا تأكل ولا تشرب، تأمل هذه الإسرائيليات؛ وكان له ثمر تأكله الملائكة لخلدهم وهي الثمرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته؛ فلما أراد إبليس أن يستزلهما دخل في جوف الحية، وكانت للحية أربعة قوائم كأنها بختية -البختية ناقة من الجمال والنوق الخراسانية- من أحسن دابة خلقها الله.

فلما دخلت الحية الجنة خرج من جوفها إبليس؛ فأخذ من الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته؛ فجاء بها إلى حواء، فقال: انظري إلى هذه الشجرة، ما أطيب ريحها وأطيب طعمها وأحسن لونها؛ فأخذت حواء فأكلت منها، ثم ذهبت إلى آدم؛ فقالت له مثل ذلك حتى أكل منها؛ فبدت لهما سوءاتهما؛ فدخل آدم في جوف الشجرة، فناداه ربه: يا آدم أين أنت؟ قال: أنا هنا يا رب، قال: ألا تخرج؟ قال: أستحي منك يا رب، قال: ملعونة الأرض التي خلِقْتَ منها لعنة يتحول شجرها شوكًا، ثم قال: يا حواء، أنت التي غررت عبدي؛ فإنك لا تحملين حملًا إلا حملتيه كرهًا؛ فإذا أردتِ أن تضعي ما في بطنك أشرفتِ على الموت مرارًا، وقال للحية: أنت التي دخل الملعون في جوفك حتى غر عبدي؟ َ ملعونة أنتِ لعنة تتحول قوائمك في بطنك، ولا يكن لك رزق إلا التراب ... أنتِ عدوة بني آدم وهم أعداؤك. قال عمر: قيل لوهب: وما كانت الملائكة تأكل؟ قال: يفعل الله ما يشاء.

انظر لما سأل عمر أحد الرواة: هل الملائكة تأكل؟ فقال: يفعل الله ما يشاء ... هذا تهرب من الجواب وعجز عن تصحيح هذا الكذب الظاهر.

قال ابن جرير: وروى ابن عباس نحو هذه القصة، ثم ذكر ابن جرير بسنده عن ابن عباس وعن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة نحو هذا الكلام، وفي السند:

<<  <   >  >>