بين كتفيه، فذلَّ، قال: فكان ملكه في خاتمه، فأتى به سليمان فقال: إنا قد أمرنا ببناء هذا البيت، وقيل لنا: لا يسمع عنا فيه صوت حديد، قال: فأتى ببيض الهدهد فجعل عليه زجاجة، فجاء الهدهد فدار حولها يرى بيضه ولا يقدر عليه، فجاء بالماس فوضعه عليها فقطعها به، ثم أفضى إلى بيضه، فأخذ الماسّ، فجعلوا يقطّعون به الحجارة.
فكان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء أو الحمام لم يدخله بالخاتم، فانطلق يومًا إلى الحمام، وذلك الشيطان اسمه صخر كان معه عند مفارقة ذنب قارف فيه بعض نسائه، قال: فدخل الحمام، وأعطى الشيطان خاتمه، فألقاه في البحر، فالتقمته سمكة، ونُزع ملك سليمان منه، فألقي على الشيطان شبه سليمان، قال: فجاء -أي: الشيطان- فقعد على كرسي سليمان وسريره، وسلّط على ملك سليمان كله غير نسائه، قال: فجعل يقضي بينهم، وجعلوا يُنكرون منه أشياء حتى قالوا: لقد فتن نبي الله، وكان فيهم رجل يشبهونه بعمر بن الخطاب، فقال: والله لأجربنه، قال: فقال: يا نبي الله، وهو لا يرى إلا أنه نبي الله، أحدنا تصيبه الجَنابة في الليلة الباردة فيدع الغسل عمدًا حتى تطلع الشمس، أترى عليه بأسًا؟ قال: لا. فبين هو كذلك أربعين ليلةً حتى وجد نبي الله خاتمه في بطن سمكة، فأقبل لا يستقبله جنيّ إلا سجد له حتى انتهى إليهم:{وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} قال: هو الشيطان صخر.
هذه القصة واضح كل الوضوح أنها إسرائيليات، وكذب وافتراء؛ إذ محال إن يلقي الله شبه سليمان -عليه السلام- على شيطان، فيلبس على الناس أمر دينهم، ومحال أن يمكّن الله شيطانًا من التسلط على ملك سليمان، فيتحكم فيه كيف يشاء، ومحال أن يشرب سليمان الخمر أو شيئًا من هذا، كل هذا لا يقبله عقل ولا شرع. فكيف يمكن أن يتمثل الشيطان بنبي الله سليمان ويتسلط على ملكه؟