أين توقير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قلوب الحلق باستشعار هيبته -صلى الله عليه وسلم- وجلالة قدره وعظيم شأنه واستحضار محاسنه والمعاني الجالبة لحبه وإجلاله، وكلّ ما من شأنه أن يجعل القلب ذاكرة لحقه من التوقير والتعزير، ومعترفًا به ومطيعًا له فالقلب ملك الأعضاء وهي له جند وتبع فمتى ما كان تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم- مستقر في القلب مسطورًا فيه على تعاقب الأحوال، فإنّ آثتر ذلك ستظهر على الجوارح حتمًا لا محالة، وحينئذ ستجد اللسان يجري بمدحه والثناء عليه بما هو أهله مما أثني به عليه ربّه، وأثني على نفسه من غير غلوّ ولا تقصير، ومن أعظم الثناء عليه الصلاة والسلام عليه، فالصلاة منّا عليه تتضمن ثناء المصلّي عليه والإشارة بذكر شرفه وفضله، وإرادة من الله تعالى أن يعلي ذكره (١) ..
ومن تعظيم اللسان أن نتأدب بذكره بألسنتنا، وذلك بأن نقرن ذكر اسمه بلفظ النبوة أو الرسالة مع الصلاة والسلام عليه، ومن تعظيم اللسان حفظ ستته وتبليغها والدعوة إليها، وأما تعظيم الجوارح فالعمل بشريعته والتأسّي بسنته، والأخذ بأوامره ظاهرًا وباطنًا وتحكيم ما جاء به في الأمور كلّها، والرضا بحكمه والتسليم له، والموالاة والمعاداة لأجله، وجهاد من خالفه ..