للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مذاهبهم نحو نظرهم في مذاهب من قبلهم، فسبرها وخبرها وانتقدها، واختار أرجحها، ووجد من قبله قد كفاه مؤنة التصوير والتأصيل فتفرغ للاختيار والترجيح والتنقيح والتكميل، مع كمال آلته وبراعته في العلوم، وترجحه في ذلك على من سبقه، ثم لم يوجد بعده من بلغ محله في ذلك، كان مذهبه أولى المذاهب بالاتباع والتقليد، وهذا مع ما فيه من الإنصاف والسلامة من القدح في أحد من الأئمة جلي واضح، إذا تأمله العامي قاده إلى اختيار مذهب الشافعي والتمذهب به١. والله أعلم.

"الرابعة": إذا اختلف عليه فتوى مفتيين، فللأصحاب فيه أوجه٢:

أحدهما: أنه يأخذ بأغلظها، فيأخذ بالحظر دون الإباحة، لأنه أحوط، ولأن الحق ثقيل.

"والثاني": يأخذ بأخفهما٣، لأنه صلى الله عليه وسلم: "بعث بالحنفية٤ السمحة السهلة"٥.


١ المجموع: "١/ ٩٦-٩٧"، وقد اقتبس "أحمد بن حمدان الحنبلي" في صفة الفتوى: ٧٤ هذا الكلام غير أنه بدل اسم الشافعي باسم أحمد رحمهما الله تعالى. وقال: "وقد ادعى الشافعية ذلك في مذهب الشافعي أيضًا ... ونحن نقول: كان الإمام أحمد أكثرهم علمًا بالأخبار، وعملًا بالآثار، واقتفاء للسلف، واكتفاء بهم دون الخلف ... ". وانظر ما نقله ابن الصلاح عن الأئمة رحمهم الله تعالى جميعًا: "أينما صح الحديث فهو مذهبي"، وانظر إعلام الموقعين: "٤/ ٢٣٣-٢٣٤".
٢ المجموع: ١/ ٩٧، صفة الفتوى: ٨٠، وانظر اللمع: ١٢٨، الإحكام للآمدي: ٤/ ٢٥٥، البرهان: ٢/ ١٣٤٤, الفقرة "٥١٩"، المحصول: "٢/ ٣/ ٢١٦- ٢١٧"، جمع الجوامع بشرح الجلال: ٢/ ٣٥٢، إعلام الموقعين: ٤/ ٢٦٤، المعتمد: ٢/ ٣٦٤، المنخول: ٤٨٣.
٣ المجموع: ١/ ٩٧، صفة الفتوى: ٨٠، اللمع: ١٢٨، المحصول: ٢/ ٣/ ٢١٤-٢١٦".
٤ في ف وج "الحنفية".
٥ أحمد في المسند: "٥/ ٢٦٦، ٦/ ١١٦، ٢٣٣" "وإني أرسلت بالحنفية السمحة" ... ، وانظر: المقاصد الحسنة: ١٠٩، فيض القدير: ٣/ ٢٠٣" بعثت بالحنفية السمحة" عن جابر رضي الله عنه، وضعيف الجامع: ٣/ ١٠ برقم: "٢٣٣٥"، كشف الخفاء: ١/ ٢٨٧، تمييز الطيب من الخبيث: ٣٦، اللمع: ١٢٨, والحنيف: "هو المائل إلى الإسلام الثابت عليه، والحنيف عند العرب: من كان على دين إبراهيم عليه السلام". النهاية: ١/ ٤٥١، وانظر تاج العروس مادة "حنف".

<<  <   >  >>