للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحكمه أن يسأل عن ذلك ذينك المفتيين أو مفتيًا آخر، وقد أرشدنا المفتي إلى ما يجيبه به في ذلك، فهذا جامع لمحاسن الوجوه المذكورة، ومنصب في قالب التحقيق١. والله أعلم.

"الخامسة": قال أبو المظفر السمعاني "رحمه الله"٢: إذا سمع المستفتي جواب المفتي لم يلزمه العمل به إلا بالتزامه، ويجوز أن يقال: إنه يلزمه إذا أخذ في العمل به. وقيل: يلزمه إذا وقع في نفسه صحته وحقيته.

قال: وهذا أولى الأوجه.

قلت٣: لم أجد هذا لغيره، وقد حكى هو بعد ذلك عن بعض الأصوليين: أنه إذا أفتاه بما هو مختلف فيه خيره بين أن يقبل منه أو من غيره٤، ثم اختار هو: أنه يلزمه الاجتهاد في أعيان المفتين، ويلزمه الأخذ بفتيا من اختاره باجتهاده ولا يجب تخييره.

والذي تقتضيه القواعد أن نفصل فنقول: إذا أفتاه المفتي نظر فإن لم يوجد


١ نقل النووي في المجموع: ١/ ٩٧ نص قول ابن الصلاح رحمه الله تعالى وقال: "وهذا الذي اختاره، الشيخ ليس بقوي، بل الأظهر أحد الأوجه الثلاثة، وهي الثالث، والرابع، والخامس، والظاهر أن الخامس أظهرها، لأنه ليس من أهل الاجتهاد، وإنما فرضه أن يقلد عالمًا أهلا لذلك، وقد فعل ذلك بأخذه بقول من يشاء منهما، والفرق بينه وبين ما نص عليه في القبلة أن أمارتها حسية فإدراك صوابها أقرب، فيظهر التفاوت بين المجتهدين فيها، والفتاوى أماراتها معنوية فلا يظهر كبير تفاوت بين المجتهدين، والله أعلم". أما ابن حمدان فقد اقتبس كلام ابن الصلاح في صفة الفتوى: ٨١، وسكت عليه.
أما ابن القيم رحمه الله تعالى فذكر الآراء ورجح إلى أنه "يجب عليه أن يتحرى ويبحث عن الراجح بحسبه ... فيعمل كما يعمل عند اختلاف الطريقين أو الطبيبين أو المشيرين". إعلام الموقعين: ٤/ ٢٦٤.
٢ من ش.
٣ في ش: "قال المصنف رضي الله عنه".
٤ في ش: "وبين أن يقبل من غيره".

<<  <   >  >>