للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه١ أصناف المفتين وشروطهم، وهي خمسة، وما من صنف منها إلا ويشترط فيه: حفظ المذهب، وفقه النفس وذلك فيما عدا الصنف الأخير الذي هو٢ بعض ما يشترط في هذا القبيل. فمن انتصب في منصب الفتيا وتصدى لها وليس على صفة واحدة٢ من هذه الأصناف الخمسة، فقد باء بأمر عظيم، {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُون, لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} ٤، ومن أراد التصدي للفتيا ظانًّا كونه من أهلها فليتهم نفسه، وليتق ربه تبارك وتعالى، ولا يخدعن عن الأخذ بالوثيقة لنفسه والنظر لها.

ولقد قطع الإمام أبو المعالي، وغيره: بأن الأصولي الماهر المتصرف في الفقه لا تحل له الفتوى بمجرد ذلك٥، ولو وقعت له في نفسه واقعة لزمه أن يستفتي غيره فيها. ويلتحق به المتصرف النظار البحاث في الفقه من أئمة الخلاف، وفحول المناظرين.

وهذا لأنه ليس أهلا لإدراك حكم الواقعة استقلالا لقصور آلته، ولا من مذهب إمام متقدم لعدم حفظه له وعدم إطلاعه عليه على الوجه المعتبر٦، والله أعلم.

تنبيهات:

الأول: قطع الإمام العلامة أبو عبد الله الحليمي٧ إمام الشافعيين بما وراء


١ في ف وج "وهذه".
٢ في النسخ كلمة غير مفهومة تقرب من "أخسها" أو "اجتنبها".
٣ في ش "واحد".
٤ سورة المطففين آية "٥ و٦".
٥ انظر رأي إمام الحرمين في البرهان: "١/ ٦٨٥-٦٨٦" فقرات "٦٣٢، ٦٣٣"، وذكر الآمدي فيه خلافًا انظر الإحكام: ١/ ٢٨٨.
٦ المجموع: ١/ ٧٩، صفة الفتوى: "٢٤-٢٥".
٧ هو "الشيخ الإمام أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم الحليمي. قال الحاكم: أوحد الشافعيين بما وراء النهر، وأنظرهم بعد أستاذيه أبي بكر القفال، وأبي بكر الأودني. توفي سنة ثلاث وأربعمائة"، ترجمته في البداية والنهاية: ١١/ ٣٤٩، العبر: ٣/ ٨٤، طبقات الشافعية الكبرى: ٤/ ٣٣٣، المنتظم: ٧/ ٢٦٤.

<<  <   >  >>