الإنسانية- خضع الوصف النحوي للإغريقية أولا ثم للاتينية لمهمة عملية تجعل الأدب في المرحلة الأولى متاحا لأولئك الذين لم -وبطبيعة الأشياء لا يستيطعون- يتكلموا بطريقة طبيعية اللهجة الإغريقية أو اللاتينية التي قامت عليها لغة النصوص الكلاسيكية، والنزعة الأدبية للقواعد التقليدية لا يمكن أن توضح توضيحا تاريخيا فحسب بل يمكن تبريريها إلى حد بعيد بقدر ما يلقى وصف الإغريقية واللاتينية من اهتمام، وهو ما لا يمكن تبريره إلى حد بعيد عندما نأتي إلى الوصف النحوي للغات الحديثة المنطوقة.
ولا توجد مستويات صواب مطلقة في اللغة، ونستطيع أن نقول عن أجنبي إنه أخطأ إذا قال شيئا ينتقض القوانين الداخلية في استخدام المتكلمين الأصليين، ونستطيع أيضا أن نقول -إذا أردنا- عن متكلم ممن يتكلمون بلهجة اجتماعية أو إقليمية للغة الإنجليزية إنه تكلم بطريقة مخالفة للنحو لو أن قوله انتقض القوانين الداخلية في اللغة الإنجليزية المشتركة، غير أننا في قولنا هذا نفترض بالطبع أن هذا المتكلم يقصد أو ربما يجب أن يقصد استخدام اللغة الإنجليزية المشتركة، وهو افتراض يحتاج في حد ذاته إلى إثبات.
ويجب أن نؤكد الآن -وهذه نقطة قد أسيء فهمها كثيرا- أنه عند رسم مميز بين الوصف والمعايرة لا يقول اللغوي بعدم وجود مكان على أية حال لتأسيس مستويات الاستخدام ومعايرتها فهناك فوائد تعليمية وإدارية واضحة في عالمنا المعاصر لتوحيد اللهجة الأساسية التي تستخدم في دولة معينة أو في منطقة معينة، وعملية التوحيد هذه حدثت خلال فترة طويلة في بلدان غربية كثيرة يتدخل من الحكومة أو بدون تدخل منها، وهو ما يحدث الآن بشكل متزايد في كثير من البلدان النامية في إفريقيا وآسيا كسياسة رسمية، ومشكلة اختيار لغة معينة، أو لهجة معينة وتوحيدها وتدعيمها على حساب غيرها أمر