السياق الحواري للحجة وعلى الالتزامات الاعتقادية لدى المتحاورين، فإذا لم يتغير شيء في درجة الثقة التي يكنها الخصم في النتيجة المعنية (المسألة المطلوب اثباتها) يكون هذا الاستدلال مغالطة منطقية، فلو قلت لرجل غير مؤمن بالقرآن:
- سيظل القرآن محفوظًا إلى يوم القيامة من كل تصحيف وتحريف، والدليل قول الله تعالى في القرآن الكريم:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحِجر: ٩]، لانطوت هذه الحجة على مصادرة على المطلوب؛ لأن المتلقي ليس لديه التزام عقائدي بالقرآن ومن ثم فالدليل لا يضمن عنده أن يبقى القرآن محفوظًا بما فيه الآية المستدل بها.
وهذه الحجة بحذافيرها لو وردت على رجل مؤمن بالقرآن لقامت الحجة بوظيفتها البرهانية وكانت حجة صائبة مئة بالمئة وبريئة من أي مصادرة على المطلوب.
هكذا تتجلى أهمية أن يتقن الداعية منطق الجدل وألا يغفل لحظة هوية المخاطب والتزاماته الاعتقادية المبدئية، وأن يتجنب تأييد المذهب "من داخله"(المصادرة على المطلوب)، ويلتزم دائما بالحجج التي تؤيد المذهب "من خارجه".