فقد اشترط المحدثون لصحة السند عدالة رواته وضبطهم مع الاتصال وانتفاء الشذوذ والعلة القادحة. أما العدالة والضبط فإنما تعرفان بتتبع أحوال الرجل وأخباره من جهة التزامه أحكام الشريعة ومن جهة عنايته بالعلم وحفظه وصيانته. فإن الغرض في الرواية أن يبتعد الرجل عن الكذب والغلط، والكذب إنما يبعد عنه الدين والورع، وقلة الغلط تعرف بمقارنة الرجل في علمه وروايته بغيره ممن شاركه الرواية. ومن هنا يتبين لنا خطورة هذا المسلك والجهد الكبير الذي بذله المحدثون لتحقيق الحديث، فإن معرفة التزام الرجل الشريعة من عدمه، وضبطه من عدمه يحتاج إلى تتبع لحياة الرجل وأعماله وتصرفاته طول عمره، فإن أفعال الرجل وأعماله ممتدة في الزمان على مدى عشرات السنين، وممتدة في المكان أيضا، مع ما هو معروف من طبيعة