ينظر فيه آخذاً في الاعتبار كل ما يتصل به من الأخبار والحوادث، أي أنه يستحضر الإطار العام كله، فينظر في الخبر في انسجام مع الحوادث المتعلقة به سابقا ولاحقاً، وآخذاً بعين الاعتبار كل ما له صلة بالخبر المنظور فيه، وكل ما يتعلق بمضمونه وعناصره المتنوعة وكل ما يدخل في الظروف العامة للخبر. وإن هذه القاعدة – قاعدة استحضار ظروف الخبر ولوازمه- قاعدة عظيمة تدل على دقة مسلك النقد التاريخي عند علماء الإسلام، وتكشف تهافت ما تردد على بعض الألسنة من غفلة علماء الإسلام عن النقد الداخلي وفحص المتون، والاكتفاء بالنقد الخارجي المعتمد على أوصاف الرواة دون أحوال المتون.
وإن الظروف العامة للخبر متنوعة ومختلفة، ولا يمكن حصرها أو عدها، لأنها تختلف باختلاف الأخبار. فهي كل ما له تعلق بالخبر المنظور فيه من جهة موضوعه ومضمونه، ومن جهة الأطراف والعناصر المذكورة في الخبر، من أعلام وأشخاص ومواضع جغرافية، ومعالم حضارية وقيم فكرية ومعنوية.
والخطوة الأولى لعملية استحضار الظروف العامة للخبر هي حصر العناصر التي يتكون منها الخبر، فيتم تقسيمه إلى وحدات بحسب عناصره المتنوعة، فقد تكون عناصر جغرافية إذا ذكر في الخبر بلد أو موقع، وقد تكون عناصر فكرية وثقافية إذا كان الخبر يتعلق بقضية فكرية وعلمية، وقد تكون أعلاماً إذا ورد فيه أسماء أشخاص، وغيرها من العناصر المتنوعة التي يمكن أن يتضمنها الخبر. وهذه العناصر قد تكون منها عناصر أساسية هي صلب الخبر. وقد تكون ثانوية لأنها إنما تذكر فيه عرضا. وبعد حصر العناصر الواردة في الخبر، يعمد الناقد إلى كل عنصر فيبحث عنه مفصلا في مصادره ومظانه.