أن النبي إذا أرسل الله إليه المَلَك بوحيه، فإنه يخلق له العلم به حتى يتحقق أنه رسول من عنده، ولولا ذلك ما صحت الرسالة ولا تبينت النبوة... ولو كان النبي إذا شافهه الملك بالوحي لا يدري أملك هو أم إنسان، أم صورة مخالفة لهذه الأجناس ألقت عليه كلاما وبلغت إليه قولا، لم يصح له أن يقول إنه من عند الله ولا ثبت عندنا أنه أمر الله...ولا خلاف في المنقول ولا في المعقول فيها، ولو جاز للشيطان أن يتمثل فيها أو يتشبه بها، ما أمناه على آية ولا عرفنا منه باطلا من حقيقة، فارتفع بهذا الفصل اللبس وصح اليقين في النفس.
المقام الثاني:
أن الله قد عصم رسوله من الكفر وآمنه من الشرك، واستقر ذلك في دين المسلمين بإجماعهم فيه وإطباقهم عليه، فمن ادعى أنه يجوز عليه أن يكفر بالله أو يشرك فيه طرفة عين، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، بل لا تجوز عليه المعاصي في الأفعال، فضلاً عن أن ينسب إلى الكفر في الاعتقاد.
المقام الثالث:
أن الله قد عرف الرسول بنفسه وبصره بأدلته وأراه ملكوت سمواته وأرضه، وعرفه سنن من كان قبله من إخوته، فلم يكن يخفى عليه من أمر الله ما نعرفه اليوم، ومن خطر له ذلك فهو ممن يمشي مكباً على وجهه غير عارف بنبيه ولا بربه.